للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه، ولا يَدْفعَ عن نفسِه، ولا يأكلَ، ولا يَبْطِشَ، وهذه المَفْسَدَةُ حاصِلَةٌ بقَطْعِها في المرَّةِ الثالِثَةِ، فوجبَ أن يَمْنَعَ قَطْعَها، كما مَنَعَه في المرَّةِ الثَّانِيَةِ. وأمَّا حديثُ جابِرٍ، ففى حَقِّ شخصٍ استحقَّ القتلَ، بدليلِ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرَ به في أَوَّلِ مَرَّةٍ، وفى كُلِّ مَرَّةٍ، وفعَل ذلك في الخامِسَةِ. [وروَاه النَّسَائِىُّ، وقال: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ] (٩). وأمَّا الحديثُ الآخَرُ، وفعلُ أبى بكرٍ وعمرَ، فقد عارضَه قولُ عليٍّ. ورُوِىَ (١٠) عن عمرَ أنَّه (١١) رَجَعَ إلى قولِ عليٍّ، فرَوَى سعيدٌ، حدَّثَنا أبو الأحْوَصِ، عن سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، عن عبد الرَّحمن بن عابدٍ، قال: أُتِىَ عمرُ بِرَجُلٍ أقْطَعِ اليَدِ والرِّجْلِ قد سَرَقَ، فأمرَ به عمرُ أنْ تُقْطَعَ رِجْلُه، فقال علىٌّ: إنَّما قال اللهُ تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (١٢) الآية. وقد قَطَعْتَ يدَ هذا ورجْلَه، فلا يَنْبَغِى أن تَقْطَعَ رِجْلَه فتدعَه ليس له قائمةٌ يَمْشِى عليها، إمَّا أن تُعَزِّرَه، [وإمَّا أن] (١٣) تَسْتَوْدِعَه السِّجْنَ. فاسْتَوْدَعَه السِّجْنَ (١٤).

فصل: وإن سرقَ مَنْ يدهُ اليُسْرَى مَقْطوعَةٌ، أو شَلَّاءُ، أو مقطوعةُ الأصابعِ، أو كانتْ يَداهُ صحيحَتَيْنِ فقُطِعَتِ اليُسْرَى، أو شَلَّتْ قبلَ قَطْعِ يُمْنَاه، لم تُقْطَعْ يُمْنَاه، على الرِّوَايَةِ الأُولَى، وتُقْطَعُ عَلَى الثانيةِ، وإن قَطَعَ يُسْرَاه قاطِعٌ مُتَعَمِّدًا، فعليه القِصَاصُ؛ لأنَّه قَطَعَ طَرَفًا مَعْصُومًا. وإن قَطَعَه غيرَ مُتَعَمِّدٍ، فعليه دِيَتُه. ولا تُقطعَ يَمِينُ السَّارِقِ. وبه قال أبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وفى قَطْعِ رِجْلِ السَّارِقِ وَجْهانِ؛ أَصَحُّهُما، لا يجبُ؛ لأنَّه لم يجبْ بالسَّرِقَةِ، وسُقوطُ القَطْع عن يمينِه لا يقْتَضِى قَطْعَ رِجْلِه، كما لو كان المقطوعُ يَمِينَه. والثانى، تُقْطعُ رِجْلُه؛ لأنَّه تعذَّر قَطْعُ يَمِينِه، فقُطِعَتْ رِجْلُه، كما لو كانتِ اليُسْرَى مَقْطوعةً حالَ السَّرِقَة. وإن كانتْ يُمْناه


(٩) سقط من: ب. وانظر المجتبى، في تخريج الحديث. في الصفحة السابقة.
(١٠) في م: "وقد روى".
(١١) سقط من: ب.
(١٢) سورة المائدة ٣٣. ومكان: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}: "إلى آخر" في: الأصل، ب.
(١٣) في الأصل، ب: "أو".
(١٤) وأخرجه البيهقي، في: باب السارق يعود فيسرق. . ., من كتاب السرقة. السنن الكبرى ٨/ ٢٧٤. وعبد الرزاق، في: باب قطع السارق، من كتاب اللقطة. المصنف ١٠/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>