للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاحِباه، وإسْحاقُ. وقال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: على كلِّ واحِدٍ منهما نصفُ قِيمَةِ ما تَلِفَ من الآخَرِ؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بفِعْلِهما، فكان الضَّمَانُ مُنْقَسِمًا عليهما، كما لو جَرَحَ إنْسانٌ نفسَه، وجَرَحَه غيرُه، فماتَ منهما. ولَنا، أنَّ كلَّ واحِدٍ منهما ماتَ من صَدْمَةِ صاحبِه، وإنَّما هو قَرَّبَها إلى مَحَلِّ الجنايةِ، فلَزِمَ الآخَرَ ضمانُها، كما لو كانتْ واقفةً بخلافِ الْجِراحَةِ. إذا ثبتَ هذا، فإنَّ قيمةَ الدَّابَّتَيْنِ إن تَسَاوَتَا، تَقاصَّتَا (١) وسَقَطَتا، وإن كانت إحداهما أكثرَ (٢) من الأُخْرَى، فلصاحبِها الزِّيَادَةُ، وإن ماتَتْ إحدى الدَّابَّتَيْن، فعلى الآخَرِ قِيمتُها، وإن نَقَصَتْ فعليه نَقْصُها.

فصل: فإن كان أحدُهما يَسِيرُ بينَ يَدَىِ الآخَرِ، فأدْرَكَه الثاني فصَدَمه، فماتتِ الدَّابَّتانِ، أو إحْداهما، فالضَّمانُ على اللَّاحِقِ؛ لأنَّه الصَّادمُ والآخَرُ مَصْدُومٌ، فهو بمنْزلةِ الواقِفِ.

١٦١٦ - مسألة؛ قال: (وَإِن كانَ أحَدُهُمَا يَسِيرُ، والآخَرُ واقِفًا (١) , فَعَلى السَّائِرِ قِيمَةُ دَابَّةِ الْوَاقِفِ)

نصَّ أحمدُ على هذا؛ لأنَّ السَّائِرَ هو الصَّادِمُ المُتْلِفُ، فكانَ الضَّمَانُ عليه. وإن ماتَ هو أو دابَّتُه، فهو هَدْرٌ؛ لأنَّه أتْلَفَ نفسَه ودابَّتَه. وإن انْحَرَفَ الواقِفُ، فصادَفتِ الصَّدْمَةُ انْحِرَافَه، فهما كالسَّائِرَين؛ لأنَّ التَّلَفَ (٢) حَصَلَ من فِعْلِهما. وإن كان الواقِفُ مُتَعَدِّيًا بوُقوفِه، مثل أن يَقِفَ في طريقٍ ضَيِّقٍ، فالضَّمانُ عليه دونَ السَّائرِ؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بَتَعَدِّيه، فكانَ الضَّمَانُ عليه، كما لو وَضَعَ حَجَرًا في الطَّرِيقِ، أو جَلَسَ في طريقٍ ضَيِّقٍ، فَعَثَرَ به إنْسانٌ.


(١) في ب، م: "تقاصا".
(٢) في الأصل: "أكبر".
(١) في الأصل: "واقف".
(٢) في ب: "المتلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>