للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْمَرٌ، ويُونُسُ، والأوْزَاعِىُّ، واللَّيْثُ، ومُوسَى بن عُقْبةَ، وعُبَيْدُ اللهِ بن عمرَ، وعِرَاكُ بن مالِكٍ، وإسماعِيلُ بن أُمَيَّةَ، ومحمدُ بن أبى عَتِيقٍ، وغيرُهُمْ، عن الزُّهْرِىِّ، عن حُمَيْدِ بن عبدِ الرحمنِ، عن أبِى هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لِلْوَاقِعِ على أهْلِه: "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تَعْتِقُها؟ " قال: لا. قال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ " قال: لا. قال: "فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قال: لا. وذَكَرَ سَائِرَ الحَدِيثِ (٥)، وهذا لَفْظُ التَّرْتِيبِ، والأخْذُ بهذا أوْلَى من رِوَايَةِ مالِكٍ؛ لأنَّ أصْحَابَ الزُّهْرِىِّ اتَّفَقُوا على رِوَايَتِه هكذا، سِوَى مالِكٍ وابنِ جُرَيْجٍ، فيما عَلِمْنَا، واحْتِمَالُ الغَلَطِ فيهما أكْثَرُ من احْتِمَالِه فى سائِرِ أصْحَابِه. ولأنَّ التَّرْتِيبَ زِيَادَةٌ، والأخْذُ بالزِّيَادَةِ مُتَعَيِّنٌ. ولأنَّ حَدِيثَنَا لَفْظُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وحَدِيثُهُم لَفْظُ الرَّاوِى، ويَحْتَمِلُ أنَّه رَوَاهُ بـ "أوْ" لِاعْتِقَادِه أن مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ سَوَاءٌ، ولأنَّها كَفَّارَةٌ فيها صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فكانتْ على التَّرْتِيبِ، ككَفَّارَةِ الظِّهَارِ والقَتْلِ.

فصل: فإذا عَدِمَ الرَّقَبَةَ، انْتَقَلَ إلى صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ، ولا نَعْلَمُ خِلَافًا فى دُخُولِ الصِّيَامِ فى كَفَّارَةِ الوَطْءِ، إلَّا شُذُوذًا لا يُعَرَّجُ عليه، لِمُخَالَفَةِ (٦) السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ. ولا خِلافَ بينَ من أوْجَبَه أنَّه شَهْرَانِ مُتَتابِعَانِ، لِلْخَبَرِ أيضا. فإن لم يَشْرَعْ فى الصِّيامِ حتى وَجَدَ الرَّقَبَةَ لَزِمَهُ العِتْقُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَأَلَ المُوَاقِعَ عمّا يَقْدِرُ عليه، حين أخْبَرَه بالعِتْقِ، ولم يَسْأَلْه عمَّا كان يَقْدِرُ عليه حالَةَ (٧) المُوَاقَعَةِ، وهى حالَةُ الوُجُوبِ، ولأنَّه وَجَدَ المُبْدَلَ قبلَ التَّلَبُّسِ بالبَدَلِ، فلَزِمَهُ، لو كان وَاجِدًا له حالَ الوُجُوبِ. وإن شَرَعَ فى الصَّوْمِ قبل


(٥) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٧٣.
(٦) فى الأصل: "يخالف". وفى ا: "لمخالقته".
(٧) فى ب، م: "حال".

<<  <  ج: ص:  >  >>