للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخَبَرِ ما بَعَثْتُما به إلى رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فذَكَرَ الحَدِيثَ إلى أن قال: فأتيَا رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالا: يا رسولَ اللهِ، أنت أبو النَّاسِ، وأوْصَلُ النَّاسِ، وقد بَلَغْنَا النِّكاحَ، فجِئْنَا لِتُؤَمِّرَنَا على بعضِ هذه الصَّدَقاتِ، فنُؤَدِّيَ إليك كما يُؤَدِّي النّاسُ، ونُصِيبَ كما يُصيبُونَ. فسَكَتَ طَوِيلًا ثم قال: "إنَّ هذِه الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِى لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أوْسَاخُ النَّاسِ". وفي لَفْظٍ أَنَّه قال: "إنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا هِيَ أوسَاخُ النّاسِ، وإنَّهَا لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ ولَا لِآلِ مُحَمَّدٍ".

فصل: ويجوزُ لِذَوِى القُرْبَى الأخْذُ من صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. قال أحمدُ، في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ: إنَّما لا يُعْطَوْنَ من الصَّدَقَةِ المَفْرُوضَةِ، فأمَّا التَّطَوُّعُ، فلا. وعن أحمد، رِوَايَةٌ أُخْرَى: أنَّهم يُمْنَعُونَ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ أيضا؛ لِعُمُومِ قَوْلِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ". والأوَّلُ أظْهَرُ؛ فإنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "المَعْرُوفُ كُلُّه صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عليه (١٦). وقال اللَّه تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} (١٧). وقال تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١٨). ولا خِلافَ في إِباحةِ المَعْرُوفِ إلى الهاشِمِيِّ، والعَفْوِ عنه


= قال النووى: وأما القرم فبالراء مرفوع، وهو السيد، وأصله فحل الإبل، قال الخطابي: معناه المتقدم في المعرفة بالأمور والرأى كالفحل، هذا أصح الأوجه في ضبطه، وهو المعروف في نسخ بلادنا، والثاني حكاه القاضي أبو الحسن بالواو، بإضافة حسن إلى القوم، ومعناه عالم القوم وذو رأيهم، والثالث حكاه القاضي أيضا أبو حسن بالتنوين والقوم بالواو مرفوع، أي أنا من علمتم رأيه أيها القوم، وهذا ضعيف لأن حروف النداء لا تحذف في نداء القوم ونحوه. شرح النووي لمسلم ٧/ ١٨٠.
(١٦) أخرجه البخارى، في: باب كل معروف صدقة، من كتاب الأدب. صحيح البخارى ٨/ ١٣. ومسلم، في: باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٦٩٧. كما أخرجه أبو داود، في: باب في المعونة للمسلم، من كتاب الأدب. سنن أبي داود ٢/ ٥٨٤. والترمذي، في: باب ما جاء في طلاقة الوجه وحسن البشر، من أبواب البر. عارضة الأحوذي ٨/ ١٤٦. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣٤٤، ٣٦٠، ٤/ ٣٠٧، ٥/ ٣٨٣، ٣٩٧، ٣٩٨، ٤٠٥.
(١٧) سورة المائدة ٤٥.
(١٨) سورة البقرة ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>