للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلُّه (٩) كما لو زَوَّجَ الوَلِيَّانِ أحَدُهما قبلَ الآخَرِ، وجُهِلَ السَّابِقُ منهما، فإنه لا يَثْبُتُ حُكْمُ الصِّحَّةِ بالنِّسْبَةِ إلى واحِدٍ بعَيْنِه، ويثْبُتُ (١٠) حُكْمُ النِّكَاحِ في حَقِّ المَرْأَةِ، بحيثُ لا يَحلُّ لها أن تَنْكِحَ زَوْجًا آخَرَ. فأمَّا إن جَهِلْنَا كَيْفِيَّةَ وُقُوعِهما، فالأوْلَى أنْ لا يَجُوزَ إقامَةُ الجُمُعَةِ أيضًا؛ لأنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ إحْدَاهما، لأنَّ وُقُوعَهما معا بحيثُ لا يَسْبِقُ إحْرَامُ إحْدَاهما الأُخْرَى بَعِيدٌ جدًّا، وما كان في غايةِ النُّدْرَةِ فَحُكْمُه حُكْمُ المَعْدُومِ، ولأنَّنا شَكَكْنا في شَرْطِ إقَامَةِ الجُمُعَةِ، فلم يَجُزْ إقامَتُها مع الشَّكِّ في شَرْطِها. ويَحْتَمِلُ أنَّ لهم إقامَتَها؛ لأنَّنا لم نَتَيَقَّن المانِعَ من صِحَّتِها. والأوَّلُ أوْلَى.

فصل: وإنْ أحْرَمَ بالجُمُعَةِ، فتَبَيَّنَ في أثْناء الصلاةِ أن الجُمُعَةَ قد أُقِيمَتْ في المِصْرِ، بَطَلَتِ الجُمُعَةُ، ولَزِمَهُم اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ؛ لأنَّنا تَبَيَّنَّا أنَّه أحْرَمَ بها في وَقْتٍ لا يجوزُ الإِحْرامُ بالجُمُعَةِ، فلا تَصِحُّ، فأشْبَهَ ما لو تَبَيَّنَ أنَّه أحْرَمَ بها بعد دُخُولِ وَقْتِ العَصْرِ. وقال القاضي: يُسْتَحَبُّ أن يَسْتَأْنِفَ ظُهْرًا. وهذا من قَوْلِه يَدُلُّ على أنَّ له إتْمامَها ظُهْرًا قِيَاسا على المَسْبُوقِ الذي أَدْرَكَ دُونَ الرَّكْعَةِ، وكما لو أَحْرَمَ بالجُمُعَةِ فَانْفَضَّ العَدَدُ قبلَ إتْمامِها. والفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ فإنَّ هذا أحْرَمَ بها في وَقْتٍ لا تَصِحُّ الجُمُعَةُ فيه، ولا يجوزُ الإِحْرَامُ بها، والأَصْلُ الذي قاسَ عليه بخِلافِ هذا.

فصل: وإذا كانت قَرْيَةٌ إلى جَانِبِ مِصْرٍ، يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ منه، فأقامُوا جُمُعَةً فيها، لم تَبْطُلْ جُمُعَةُ أهْلِ المِصْرِ؛ لأَنَّهم في غيرِ المِصْرِ، ولأنَّ لِجُمُعَةِ المِصْرِ مَزِيَّةً بِكَوْنِها فيه. ولو كان مِصْرَانِ مُتَقَارِبَانِ، يَسْمَعُ أَهْلُ كلِّ مِصْرٍ نِداءَ المِصْرِ الآخَرِ، كأَهْلِ مِصْرَ (١١) والقَاهِرَة، لم تَبْطُلْ جُمُعَةُ أحَدِهما بِجُمُعَةِ الآخَرِ. وكذلك القَرْيتانِ المُتَقارِبتانِ؛ لأنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ منهم حُكْمَ أنفُسِهِمْ، بِدَلِيلِ أنَّ جُمُعَةَ أحَدِ


(٩) سقط من: الأصل.
(١٠) في أ، م: "وثبت".
(١١) يعني ما كان خارجا عن القاهرة إلى جنوبها، الفسطاط ونحوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>