النِّصْفُ. وإن قال: لك رُبْعُ الرِّبْحِ، ورُبْعُ ما بَقِىَ، فله ثَلَاثَةُ أثمانٍ ونِصْفُ ثُمْنٍ. وسواءٌ عَرَفَا الحِسَابَ أو جَهِلَاهُ؛ لأنَّ ذلك أجْزاءٌ مَعْلُومَةٌ مُقَدَّرَةٌ، فأشْبَه ما لو شَرَطَ الخُمْسَيْنِ. ومذهبُ الشَّافِعِىِّ في هذا الفَصْلِ كلِّه كمَذْهَبِنا.
فصل: وإن قال: خُذْهُ مُضَارَبةً، ولك جُزْءٌ من الرِّبْحِ، أو شَرِكَةٌ في الرِّبْحِ، أو شَيءٌ من الرِّبْحِ، أو نَصِيبٌ أو حَظٌّ. لم يَصِحَّ؛ لأنَّه مَجْهُولٌ، ولا تَصِحُّ المُضَارَبةُ إلَّا على قَدْرٍ مَعْلُومٍ. وإن قال: خُذْهُ، ولك مثلُ ما شُرِطَ لِفُلَانٍ. وهما يَعْلَمان ذلك. صَحَّ؛ لأنَّهما أشَارَا إلى مَعْلُومٍ عِنْدَهما. وإن كانا لا يَعْلَمانِه، أو لا يَعْلَمُه أحَدُهُما، فَسَدَتِ المُضَارَبةُ؛ لأنَّه مَجْهُولٌ.
فصل: وإن قال: خُذْ هذا المالَ فَاتَّجِرْ به، ورِبْحُه كلُّه لك. كان قَرْضًا لا قِرَاضًا؛ لأنَّ قولَه: خُذْهُ فَاتَّجِرْ به. يَصْلُحُ لهما، وقد قَرَنَ به حُكْمَ القَرْضِ، فَانْصَرَفَ إليه. وإن قال مع ذلك: ولا ضَمَانَ عليك. فهذا قَرْضٌ شُرِطَ فيه نَفْىُ الضَّمَانِ، فلا يَنْتَفِى بِشَرْطِه، كما لو صرَّحَ به، فقال: خُذْ هذا قَرْضًا ولا ضَمَانَ عليك. وإن قال: خُذْهُ فَاتَّجِرْ به، والرِّبْحُ كلُّه لي. كان إِبْضاعًا؛ لأنَّه قَرَنَ به حُكْمَ الإِبْضاعِ فانْصَرَفَ إليه. فإن قال مع ذلك: وعليك ضَمَانُه. لم يَضْمَنْهُ؛ لأنَّ العَقْدَ يَقْتَضِى كَوْنَهُ أمانَةً غيرَ مَضْمُونةٍ، فلا يَزُولُ ذلك بِشَرْطِه. وإن قال: خُذْهُ مُضَارَبةً، والرِّبْحُ كلُّه لك، أو كلُّه لي. فهو عَقْدٌ فاسِدٌ. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قال: والرِّبْحُ كلُّه لي كان إبْضَاعًا صَحِيحًا؛ لأنَّه أثْبَتَ له حُكْمَ الإِبْضاعِ فانْصَرَفَ إليه، كالتى قبلَها. وقال مالِكٌ: يكونُ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً في الصُّورَتَيْنِ؛ لأنَّهما دَخَلَا في القِرَاضِ، فإذا شَرَطَ لأحَدِهما، فكأنَّه وَهَبَ الآخَرَ نَصيبَه (١٨)، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ العَقْدِ. ولَنا، أنَّ المُضَارَبةَ تَقْتَضِى كونَ الرِّبْحٍ بينهما، فإذا شَرَطَ اخْتِصَاصَ أحَدِهما بالرِّبْحِ، فقد شَرَطَ ما يُنَافِى مُقْتَضَى العَقْدِ، ففسَدَ، كما لو شَرَطَ الرِّبْحَ كلَّه في شَرِكَةِ العِنَانِ لأَحَدِهما. ويُفَارِقُ ما إذا لم