للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصلَ وُجُوبُه، فلا يَنْتَفِى بأمْرٍ مُتَرَدِّدٍ. وأمَّا إذا ادَّعى الوَديعةَ، فقال: مالَكَ عندى شىءٌ، أو لا تَسْتَحِقُّ علىَّ شيئًا. فقامتِ (٤) الْبَيِّنَةُ بالإِيداعِ، أو أَقَرَّ به المُودَعُ، ثمَّ قال: ضاعتْ من حِرْزٍ. كان القولُ قولَه مع يَمِينهِ، ولا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ قولَه لا يُنافِى ما شَهِدَت به البَيِّنَةُ، ولا يُكَذِّبُها، فإنَّ مَن تَلِفَتْ الوَديعةُ من حِرْزِه بغيرِ تَفْرِيطِه فلا شىءَ لمالِكِها عنده، ولا يَسْتَحقُّ عليه شيئًا، لكنْ إن ادَّعَى تَلَفَها بعدَ جُحُودهِ، أو قامت بَيِّنَةٌ بتَلَفِها بعد الجُحودِ (٥)، أو أنَّها (٦) كانت عنده حالَ (٧) جُحُودهِ، فعليه ضَمانُها؛ لأنَّ جُحودَه أوْجَبَ الضَّمانَ عليه، فصار كالغاصِبِ (٨).

فصل: إذا نَوَى الخِيانةَ فى الوَديعةِ، بالجُحُودِ أو الاسْتِعْمالِ، ولم يَفْعَلْ ذلك (٩)، لم يَصِرْ ضامِنًا؛ لأنَّه لم يُحْدِثْ فى الوَديعةِ قولًا ولا فِعْلًا، فلا يَضْمَنُ، كما لو لم يَنْوِ. وقال [ابنُ سُرَيْجٍ] (١٠): يَضْمَنُها؛ لأنَّه أمْسَكَها بنِيِّةِ الخِيانةِ، فيَضْمَنُها، كالمُلْتَقِطِ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ (١١). ولَنا: قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عُفِىَ [لأُمَّتِى عن] (١٢) الخَطَأِ، والنِّسْيانِ، وما حَدَّثَتْ به أَنْفُسَها، مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ، أوْ تَعْمَلْ بِهِ" (١٣). ولأَنَّه لم يَخُنْ فيها بقَوْلٍ ولا


(٤) فى م: "فقالت".
(٥) سقط من: الأصل، ب.
(٦) فى أ، م: "وأنها".
(٧) فى الأصل، ب: "حالة".
(٨) فى م: "كالغصب".
(٩) سقط من: م.
(١٠) فى م: "شريح".
(١١) فى م: "التمليك".
(١٢) فى م: "عن أمتى".
(١٣) الطرف الأول للحديث تقدم تخريجه فى: ١/ ١٤٦. وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به". أخرجه البخارى، فى: باب الطلاق فى الإغلاق. . .، من كتاب الطلاق، وفى: باب إذا حنث ناسيا فى الأيمان. . .، من كتاب الأيمان. صحيح البخارى ٧/ ٥٩، ٨/ ١٦٨. وأبو داود، فى: باب فى الوسوسة بالطلاق، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٢. والترمذى، فى: باب ما جاء فى من يحدث. . .، من أبواب الطلاق ٥/ ١٥٥، ١٥٦. والنسائى، فى: باب من طلق فى نفسه، من كتاب الطلاق. المجتبى =

<<  <  ج: ص:  >  >>