للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغَزْو يقول لصاحبه: إذا بَلَغْتَ وادى القُرَى (١) فَشَأْنَك به. ولأنَّه أعْطاهُ على سبيلِ المُعاوَنَةِ والنَّفَقَةِ، لا على سبيلِ الإِجارةِ، فكان الفاضِلُ له، كما لو وَصَّى أنْ يحُجَّ عنه فلانٌ حجَّةً بألْفٍ. وإنْ أعطاهُ شيئا ليُنْفِقَه في سبيلِ اللَّه، أو في الغَزْوِ مطلقًا، ففضَلَ منه فَضْلٌ، أنْفَقَه في غَزاةٍ أُخْرَى؛ لأنَّه أعْطاهُ الجميعَ ليُنْفِقَه في جِهَةِ قُرْبَةٍ، فلَزِمَه إنْفاقُ الجميعِ فيها، كما لو وصَّى أنْ يحُجَّ عنه بألْفٍ.

فصل: ومن أُعْطِىَ شيئا ليسْتعينَ (٢) به في الغَزْوِ، فقال أحمد: لا يَتْرُكُ لأَهْلِه منه شيئا؛ لأنَّه ليس يَمْلِكُه، إلَّا أنْ يصيرَ إلى رَأْسِ مَغْزاهُ، فيكونَ كهَيْئَةِ مالِه، فيَبْعَثُ إلى عِيَالِه منه، ولا يَتَصَرَّفُ فيه قبلَ الخروج، لئلَّا يَتَخَلَّفَ عن الغَزْوِ، فلا يكونُ. مُستحِقًّا لما أَنْفَقَه، إلَّا أنْ يَشْتَرِىَ منه سلاحًا، أو آلةَ الغَزْوِ. فإنْ قَصَدَ إعْطاءَه لِمَنْ يَغْزُو به، فقال أحمد: لا يتَّخِذُ منه (٣) سُفْرةً فيها طَعامٌ، فيُطْعِمَ منها أحدًا؛ لأنَّه إنَّما أُعْطِيَها ليُنْفِقَها في جِهَةٍ مَخْصوصَةٍ، وهى الجِهادُ.

١٦٣٣ - مسألة؛ قال: (وَإذَا حُمِلَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ، فَإذَا رَجَعَ مِنَ الْغَزْوِ فَهِىَ لَهُ، إلَّا أَنْ يَقُولَ: هِىَ حَبِيسٌ. فَلَا يَجُوزُ أنْ تُباعَ إلَّا أنْ تَصِيرَ في حَالٍ لا تَصْلُحُ فِيهِ (١) لِلْغَزْوِ، فتُباعَ، وتُجْعَلَ فِي حَبِيسٍ آخَرَ، وكَذلِكَ المَسْجِدُ إذَا ضَاقَ بِأهْلِهِ، أوْ (٢) كَانَ في مَكَانٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، جَازَ أنْ يُبَاعَ، ويُجْعَلَ فِي مَكَانٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَكَذلِكَ الْأُضْحِيَةُ إذَا أبْدَلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا)

قوله: حُمِلَ الرجلُ على دَابَّةٍ. يَعْنى أُعْطِيَها لِيَغْزُوَ عليها، فإذا غَزا عليها مَلَكَها كما يملِكُ النَّفَقَةَ المدْفوعةَ إليه، إلَّا أنْ تكونَ عارِيَّةً، فتكونَ لصاحِبِها، أو حَبِيسًا فتكونَ


(١) وادى القرى: بين المدينة والشام، من أعمال المدينة، كثير القرى. معجم البلدان ٤/ ٨٧٨.
(٢) في أ: "يستعين".
(٣) في أ: "منها".
(١) سقط من: الأصل، أ.
(٢) في م: "إذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>