للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا ارْتَفَعُوا إلى الحاكمِ فى ابتداءِ العَقْدِ، لم يُزَوِّجْهُم إلَّا بشُرُوطِ نكاحِ المسلمينَ؛ لقولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (١٤). وقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (١٥). ولأنَّه لا حاجةَ إلى عَقْدِه، بخِلافِ ذلك. وإن أسْلَمُوا، أو ترافَعُوا (١٦) إلينا بعدَ العَقْدِ، لم نَتَعَرَّضْ لكَيْفِيَّةِ عَقْدِهم، ونَظَرْنا فى الحالِ؛ فإن كانت المرأةُ ممَّن يجوزُ عَقْدُ النِّكاحِ عليها ابتداءً، أقَرَّهُما، وإن كانت ممَّن لا يجوزُ ابتداءُ نِكاحِها، كذواتِ مَحْرَمِهِ، فُرِّقَ بينهما. فإنَّ تزوَّجَ مُعْتَدَّةً وأسْلَما، أو ترافَعا فى عِدَّتِها، فُرِّقَ بينهما؛ لأنَّه لا يجوزُ ابتداءُ نِكاحِها، وإن كان بعدَ انْقضائِها، أُقِرَّ لجَوازِ ابْتداءِ نِكاحِها. وإن كان بينهما نِكاحُ مُتْعةٍ، لم يُقَرَّا عليه؛ لأنَّه إن كان بعدَ المُدَّةِ، فلم يَبْقَ بينهما نِكاحٌ، وإن كان فى المُدَّةِ، فهما لا يَعْتَقِدانِ تَأْبِيدَه، والنِّكاحُ عَقْدٌ مُؤَبّدٌ، إلَّا أن يكونا ممَّن يَعْتَقِدُ إفْسادَ الشَّرْطِ وصِحَّة النِّكاحِ مُؤَبَّدًا، فيُقَرَّانِ عليه. وإن كان بينهما نِكاحٌ شُرِطَ (١٧) فيه الخِيارُ متى شاءَا أو شاءَ أحَدُهما، لم يُقَرَّا عليه؛ لأنَّهما لا يَعْتَقِدان لُزُومَه، إلَّا أن يَعْتَقِدَا فَسادَ الشَّرْطِ وَحْدَه. وإن كان خِيارَ مُدَّةٍ، فأسْلَما فيها، لم يُقَرَّا، لذلك. وإن كان بعدَها أُقِرَّا؛ لأنَّهما يعْتَقِدانِ لُزُومَه. وكلُّ ما اعْتَقَدُوه، فهو نكاحٌ يُقَرُّونَ عليه، ومالا فلا، فلو مَهَرَ حَرْبىٌّ حَرْبِيَّةً، فوَطِئَها، أو طاوَعَتْه، ثمَّ أسْلَما، فإنَّ كان ذلك فى اعْتقادِهم نِكاحًا، أُقِرَّا عليه؛ لأنَّه نِكاحٌ لهم فى مَن يجوزُ اشداءُ نِكاحِها، فأُقِرَّا عليه، كالنِّكاحِ بلا وَلِىٍّ، وإن لم يَعْتَقِدَاهُ نِكاحًا، لم يُقَرَّا عليه.

فصل: وأنْكِحَةُ الكُفَّارِ تتَعَلَّقُ بها أحكامُ النِّكاحِ الصَّحيحِ، من وُقُوعِ الطَّلَاقِ، والظِّهارِ، والإِيلَاءِ، ووُجُوبِ المَهْرِ، والقَسْمِ، والإِباحةِ للزَّوْجِ الأوَّلِ،


(١٤) سورة المائدة ٤٢.
(١٥) سورة المائدة ٤٩.
(١٦) فى أ، ب، م: "وترافعوا".
(١٧) فى م: "شرطه".

<<  <  ج: ص:  >  >>