للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَتادةُ، وحَمَّادٌ، والزُّهْرِىُّ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، ومحمدٌ، والشَّافعىُّ، وأكثرُ الفُقَهاءِ؛ لأنَّ الابنَ أقْربُ العَصبَةِ، والأبُ والجَدُّ يَرِثانِ معه بالفَرْضِ، ولا يَرِثُ بالولاءِ ذُو فَرْضٍ بحالٍ. ولَنا، أنَّه عَصَبةُ وارثٍ، فاسْتَحقَّ من الوَلاءِ كالأخَوَينِ، ولا نُسَلِّمُ أَنَّ الابنَ أقْرَبُ من الأبِ، بل هما فى القُرْبِ سَواءٌ، وكلاهُما عَصَبةٌ لا يُسْقِطُ أحدُهما صاحِبَه، وإنَّما هما يَتَفاضلانِ فى الميراثِ، فكذلك فى الإِرْثِ بالوَلاءِ، ولذلك يُقَدَّمُ الأبُ على الابنِ فى الوِلايةِ والصلاةِ على المَيِّتِ وغيرِهما. وحكُم الأبِ مع ابنِ الابنِ وإن سَفلَ، حُكْمُ الجَدِّ وإن عَلَا مع الابنِ وابْنِه سَواءً.

١٠٦٣ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ خَلَّفَ أخَا مُعْتِقِهِ وجَدَّ مُعْتِقِهِ، فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ)

وبهذا قال عطاءٌ، واللَّيْثُ، ويحيى الأنصارىُّ. ومالَ إليه الأوْزَاعىُّ. وهو قولُ الشَّافعىِّ. وقولُ الثَّوْرِىِّ وأبى يوسفَ ومحمدٍ. والذين نَزَّلُوا الْجَدَّ أبًا، جَعَلُوا الْجَدَّ أَوْلَى، ووَرَّثُوه وَحْدَه. ورُوِى عن زيدٍ أَنَّ المالَ للأخِ. وهو قولُ مالكٍ، [وقول للشَّافِعِيِّ] (١)؛ لأنَّ الأخَ ابنُ الأبِ، والجَدُّ أبوه، والابنُ أحَقُّ من الأبِ. ولَنا، أنَّهما عَصَبَتانِ يَرِثانِ المالَ نِصْفيْنِ، فكان الوَلاءُ بينهما نِصْفَيْنِ، كالأخَويْنِ. وإن تَرَكَ جَدَّ مَوْلاه وابْنَ أخِى مَوْلاه، فالمالُ لَجدِّه. فى قولِهم جميعا، إلَّا مالِكًا جَعَلَ المِيراثَ لابْنِ الأَخِ وإن سَفلَ. وقالَه الشافِعىُّ أيضًا؛ لأنَّ ابنَ الابْنِ وإن سَفلَ يُقَدَّمُ على الأبِ. وليس هذا بصَوابٍ؛ فإنَّ ابنَ الأَخِ مَحْجوبٌ عن المِيراثِ بالجَدِّ، فكيف يُقَدَّمُ عليه، ولأنَّ الجَدَّ أولَى بالمُعْتِقِ من ابنِ الأَخِ، فيَرِثُ مَوْلاه؛ لقولِ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْمَوْلَى أخٌ فِى الدِّينَ، وَوَلِىُّ نِعْمَةٍ. يَرِثهُ أوْلَى (٢) النَّاس بالمُعْتِقِ" (٣). والدَّليلُ على أن الْجَدَّ أوْلَى أنَّه يَرِثُ ابنَ ابْنِه دون ابنِ


(١) فى م: "والشافعى".
(٢) فى أ، م: "أحق".
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>