للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَكَنَا فى دارٍ واحدَةٍ، وكُلُّ واحِد فى بَيْتٍ ذى بابٍ وغَلْقٍ، رُجِعَ إلى نِيَّتِه بيَمِينِه أو إلى سَبَبها، وما دَلَّتْ عليه قرائِنُ أحْوالِه فى المَحْلُوفِ على المُساكَنَةِ فيه، فإنْ عُدِمَ ذلك كلُّهَ، حَنِثَ. وهذا قولُ مالِكٍ. وقال الشافِعِىُّ: إِنْ كانت الدَّارُ صَغيرَةً، فهما مُتَساكِنان؛ لأنَّ الصَّغِيرَةَ مَسْكَنٌ واحِدٌ، وإِنْ كانت كَبِيرَةً، إِلَّا أنَّ أَحَدَهما فى البَيْتِ والآخَرَ فى الصُّفَّةِ، أو كانا فى صُفَّتَيْنِ أو بَيْتَيْن ليس على أحَدِهما غَلْقٌ دونَ صاحِبِه، فهما مُتَساكِنان. وإِنْ كانا فى بَيْتَيْنِ، كُلُّ واحِد منهما له غَلْقٌ، أو كانَا فى خَانٍ، فليسا مُتَساكِنَيْن؛ لأنَّ كُلَّ واحِد منهما يَنْفَرِدُ بمَسْكَنِه دونَ الآخَرِ، فأشْبَها المُتجاوِرَيْن (١٩). ولَنا، أنَّهما فى دارِ واحِدَةٍ، فَكانا مُتَساكِنَيْنِ، كالصَّغِيرَةِ، وفارَق المُتَجاوِرَيْنِ فى الدَّارينِ، فإنَّهما (٢٠) ليسا مُتَساكِنَيْن، ويمينُه على نَفْىِ المُساكَنَةِ، لا على المُجاوَرَةِ. ولو كانا فى دارٍ واحِدَةٍ حالَةَ اليَمِينِ، فخَرَجَ أحَدُهما منها، وقَسَماها (٢١) حُجْرَتَيْنِ، وفَتَحَا لِكُلِّ واحِدَةٍ منهما بابًا، وبينهما حاجِزٌ، ثم سَكَنَ كُلُّ واحِدٍ منهما فى حُجْرَةٍ، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّهما غيرُ مُتَساكِنَيْن. وإِنْ تَشاغَلَا بِبِناءِ الحاجِزِ بينَهما، وهما مُتَساكِنان، حَنِثَ؛ لأنَّهما تَسَاكَنَا قبلَ انْفِرادِ إحْدَى الدَّاريْنِ من الأُخْرَى. وهذا قولُ الشافِعِىِّ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا.

فصل: وإن حَلَفَ: لا ساكَنْت فلانًا فى هذه الدَّارِ. فقَسماها (٢٢) حُجْرَتَيْنِ، وبَنَيَا بينهما حائِطًا، وفتحَ كُلُّ واحِدٍ منهما لنَفْسِه بابًا، ثم سَكَنَا فيهما، لم يَحْنَثْ، كما (٢٣) ذَكَرْنا فى التى قبْلَها. وهذا قولُ الشافِعِىِّ، وابنِ المُنْذِرِ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال مالِكٌ: لا يُعْجِبُنِى ذلك. ويَحْتَمِلُه قياسُ المذهب؛ لكَوْنِه عينَ الدَّارِ، فلا ينْحَلُّ بتَغَيُّرِها، كما لو حَلَفَ لا يَدْخُلُها، فصارَتْ فَضاءً (٢٤). والأوّلُ أصَحُّ؛ لأَنَّه لم يُساكِنْه فيها،


(١٩) فى م زيادة: "كل واحد منهما ينفرد بمسكنه".
(٢٠) سقط من: ب.
(٢١) فى الأصل: "وقسمها".
(٢٢) فى م: "قسماها".
(٢٣) فى م: "لما".
(٢٤) فى ب، م: "نصا".

<<  <  ج: ص:  >  >>