للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّوَايَةُ الثانيةُ، قال فى مَن له مائةُ شَاةٍ فى بُلْدَانٍ مُتَفَرِّقَةٍ: لا يَأْخُذُ المُصَدِّقُ منها شيئا؛ لأنَّه لا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ، وصَاحِبُها إذا ضَبَطَ ذَلِكَ وعَرَفهُ أخْرَجَ هو بِنَفْسِه، يَضَعُها فى الفُقَرَاءِ. رُوِىَ هذا عن المَيْمُونِىِّ وحَنْبَلٍ. وهذا يَدُلُّ على أنَّ زكَاتَها تَجِبُ مع اخْتِلافِ البُلْدَانِ، إلَّا أنَّ السَّاعِىَ لا يَأْخُذُها؛ لِكَوْنِه لا يَجِدُ نِصابًا كامِلًا مُجْتَمِعًا، ولا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ الحالِ فيها، فأمَّا المَالِكُ العَالِمُ بمِلْكِه نِصابًا كَامِلًا، فعليه أدَاءُ الزكاةِ. وهذا اخْتِيَارُ أبى الخَطَّابِ، ومَذْهَبُ سائِرِ الفُقَهاءِ. قال مَالِكٌ: أحْسَنُ ما سَمِعْتُ فى مَن كان له غَنَمٌ على رَاعِيينِ مُتَفَرِّقَينِ بِبُلْدَانٍ شَتَّى، أنَّ ذلك يُجْمَعُ على صَاحِبِه، فَيُؤَدِّى صَدَقَتَه. وهذا هو الصَّحِيحُ، إن شاءَ اللَّه تعالى؛ لِقَوْلِه عليه السَّلامُ: "فى أرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ" (٢٢). ولأنَّه مِلْكٌ وَاحِدٌ أشْبَهَ ما لو كان فى بُلْدَانٍ مُتَقَارِبَةٍ، أو غير السَّائِمَة. ونَحْمِلُ كلامَ أحمدَ (٢٣)، فى الرِّوَايَةِ الأُولَى، على أنَّ المُصَدِّقَ لا يَأْخُذُها، وأما رَبُّ المالِ فيُخْرِجُ. فعلى هذا يُخْرِجُ الفَرْضَ فى أحَدِ البَلَدَيْنِ شاءَ (٢٤)، لأنَّه مَوْضِعُ حاجَةٍ.

٤١٤ - مسألة؛ قال: (وإِنِ اخْتَلَطُوا فِى غَيْرِ هذَا، أخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (١) عَلَى انْفِرَادِه، إذَا كَانَ ما يَخُصُّه تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

ومعناه أنَّهم إذا اخْتَلَطُوا فى غيرِ الماشِيَةِ (٢)، كالذَّهَبِ والفِضَّةِ وعُرُوضِ التِّجارَةِ والزُّرُوعِ والثِّمَارِ، لم تُؤثِّرْ خُلْطَتُهم شَيئا، وكان حُكْمُهم حُكْمَ المُنْفَرِدِينَ. وهذا قَوْلُ أكْثَر أهْلِ العِلْمِ. وعن أحمدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أن شَرِكَةَ الأعْيَانِ تُؤثِّرُ فى غيرِ


(٢٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٤١.
(٢٣) فى ب: "الخرقى".
(٢٤) سقط من: أ، ب، م.
(١) سقط من: الأصل.
(٢) فى م: "السائمة" تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>