للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَاشِيَةِ (٣)، فإذا كان بينهم نِصَابٌ يَشْتَرِكُونَ فيه، فعليهم الزكاةُ. وهذا قولُ إسحاقَ، والأوْزَاعِىِّ، فى الحَبِّ والثَّمَرِ. والمذهبُ الأوَّلُ. قال أبو عبدِ اللهِ: الأوْزَاعِىُّ يقول فى الزَّرْعِ، إذا كانوا شُرَكَاءَ فخَرَجَ لهم خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، يقول: فيه الزكاةُ. قَاسَه على الغَنَمِ، ولا يُعْجِبُنِى قَوْلُ الأوْزَاعِىِّ. وأمَّا خُلْطَةُ الأوْصَافِ، فلا مَدْخَلَ لها فى غيرِ المَاشِيَةِ بحالٍ، لأنَّ الاخْتِلاطَ لا يَحْصُلُ. وخَرَّجَ القاضى وَجْهًا آخَرَ، أنَّها تُؤثِّرُ؛ لأنَّ المَؤُونَةَ تَخِفُّ إذا كان المُلْقِحُ (٤) وَاحِدًا، والصَّعَّادُ (٥)، والنَّاطُورُ (٦)، والجَرِينُ، وكذلك أمْوَالُ التِّجَارَةِ؛ الدُّكَّانُ (٧) وَاحِدٌ، والمَخْزنُ والمِيزَانُ والبَائِعُ، فَأَشْبَهَ المَاشِيَةَ. ومَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ على نحوٍ ممَّا حَكَيْنَا فى (٨) مَذْهَبِنَا. والصَّحِيحُ أنَّ الخُلْطَةَ لا تُؤَثِّرُ فى غيرِ المَاشِيَةِ، لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "والْخَلِيطَانِ مَا اشْتَرَكَا فى الْحَوْضِ والْفَحْلِ والرَّاعِى (٩) ". فَدَلَّ على أنَّ ما لم يُوجَدْ فيه ذلك لا يكونُ خُلْطَةً مُؤَثِّرَةً، وقَوْلُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ" (١٠). إنَّما يكونُ فى المَاشِيَةِ؛ لأنَّ الزكاةَ تَقِلُّ بِجَمْعِها تَارَةً، وتَكْثُرُ أُخْرَى، وسَائِرُ الأمْوَالِ تَجِبُ فيها فيما زَادَ على النِّصَابِ بِحِسابِه، فلا أثَرَ لِجَمْعِها، ولأنَّ الخُلْطَةَ فى المَاشِيَةِ تُؤَثِّرُ فى النَّفْعِ تَارَةً، وفى الضَّرَرِ أُخْرَى، ولو اعْتَبَرْنَاها فى غيرِ الماشِيَةِ أَثَّرَتْ ضَرَرًا مَحْضًا بِرَبِّ المَالِ، فلا يجوزُ اعْتِبارُها. إذا ثَبَتَ هذا، فإنْ (١١) كان لِجَمَاعَةٍ وَقْفٌ، أو حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بينهم، فيه ثَمَرَةٌ أو


(٣) فى أ، ب: "السائمة".
(٤) أى الفحل الذى يلقحها.
(٥) فى م: "والصاعد".
(٦) الناطور: حافظ الزرع.
(٧) فى م: "والدكان".
(٨) فى م: "من".
(٩) فى ب: "والرعى". وتقدم تخريج الحديث فى صفحة ٥٣.
(١٠) تقدم تخريجه فى صفحة ١٠.
(١١) فى الأصل، ب: "فإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>