للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} (٢). وقَوْلِه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (٢). وهؤلاءِ أوْلادٌ، وإخْوَةٌ، وعَدَمُ إرْثِهم لا يَمْنَعُ حَجْبَهم، كالإِخْوَةِ مع الأبَوَيْنِ يَحْجُبونَ الأُمَّ، ولا يَرِثونَ. ولَنا، أنَّه وَلَدٌ لا يَحْجُبُ الإِخْوَةَ مِنَ الأُمِّ، ولا يَحْجُبُ وَلَدَه، ولا الأبَ إلى السُّدُسِ، فلم يَحْجُبْ غيرَهم، كالْميِّتِ، ولأنَّه لا يُؤَثِّرُ فى حَجْبِ غيرِ الأُمِّ والزَّوْجَيْنِ، فلم يُؤَثِّرْ فى حَجْبِهم، كالميِّتِ، والآيةُ أُرِيدَ بها وَلَدٌ مِنْ أهْلِ الميراثِ، بِدَليلِ أنَّه لمَّا قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. أرادَ به الوارِثَ، ولم يَدْخُلْ هذا فيهم، ولمَّا قالَ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} (٣). لم يَدْخُلْ هذا فيهم. وأمَّا الإخْوَةُ مع الأبِ، فهم مِن أهْلِ الْميراثِ، بدليلِ أنَّه لَوْلا الأبُ لَوَرِثُوا، وإنَّما قُدِّم عليهم غيرُهم، ومُنِعوا مع أهْلِيَّتِهم؛ لأنَّ غيرَهم أوْلَى منهم، فامْتِناعُ إرْثِهم لِمانِعٍ، لا لانْتِفاءِ المُقْتَضِى.

فصل: فأمَّا مَنْ لم (٤) يَرِثْ لِحَجْبِ غيرِه له، فإنَّه يَحْجُبُ، وإِنْ لم يَرِثْ، كالْإخْوَةِ يَحْجُبونَ الأُمَّ، وهم مَحْجوبونَ بالأبِ؛ لأنَّ عَدَمَ إرْثهم لم يَكُنْ لمِعْنًى فيهم، ولا لانْتِفاءِ أهْليَّتِهم، بل لِتَقْديمِ غيرِهم عليهم، والمَعْنى الذى حُجِبوا به فى حالِ إرْثِهم مَوْجودٌ، مع جَجْبِهم عنِ الميراثِ، بخِلافِ مَسْأَلَتِنا. فعلى هذا، إذا اجْتَمَعَ أبَوانِ وَأخوانِ أو أُخْتانِ؛ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، والباقى لِلْأَبِ، ويَحْجُبُ الأخَوانِ الأُمَّ عنِ السُّدُس، ولا يَرِثون شَيْئًا. ولو ماتَ رَجُلٌ، وخَلَّفَ أباه وأُمَّ أبيه وأُمَّ أُمِّ أُمِّهِ، لَحَجَبَ (٥) الأبُ أُمّه عنِ الميراثِ، وحَجَبَتْ أُمُّه أُمَّ أُمِّ الأُمِّ، على قَوْلِ مَنْ يَحْجُبُ الجَدَّةَ بابْنِها، والبُعْدَى مِنَ الجَدّاتِ بِمَنْ هى أقْرَبُ منها، ويكونُ المالُ جميعُه لِلأَبِ.


(٢) سورة النساء ١١.
(٣) سورة النساء ١٧٦.
(٤) فى م: "لا".
(٥) فى أ: "يحجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>