للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُنْذِرِ: أجمعَ كلُّ مَن نَحْفظُ عنه من أهلِ العلمِ على أَنَّ الرَّجلَ إذا قال لزوجتِه: أنتِ طالقٌ إن شئتِ. فقالت: قد شئتُ إن شاءَ فلانً. أنَّها قد رَدَّتِ الأمرَ، ولا يَلْزَمُها الطَّلاقُ وإن شاءَ فلانٌ؛ وذلك لأنَّه لم تُوجَدْ منها مَشِيئةٌ، وإنَّما وُجِدَ منها تَعْليقُ مَشِيئتِها بشَرْطٍ، وليس تعليقُ الْمَشِيئةِ [شَرْطَ مَشِيئةٍ] (٨٢). وإن علَّقَ الطَّلاقَ على مَشِيئةِ اثْنَينِ، فشاءَ أحدُهما على الفَوْرِ، والآخَرُ على التَّراخِى، وقعَ الطَّلاقُ؛ لأنَّ الْمَشِيئةَ قد وُجِدَتْ منهما جميعًا.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ إلَّا أن تَشائِى. أو: يشاءَ زيدٌ. فقالت: قد شِئْتُ. لم تَطْلُقْ. وإن أخَّرَا ذلك طَلُقَتْ. وإن جُنَّ مَن عَلَّقَ الطَّلاقَ بمَشِيئتِه، طَلُقَتْ فى الحالِ؛ لأنَّه أَوْقعَ الطَّلاقَ وعَلَّقَ رَفْعَه بشَرْطٍ لم يُوجَدْ، وكذلك إن ماتَ. فإن خَرِسَ فشاءَ بالإشارةِ، خُرِّجَ فيه وَجْهانِ، بِناءً على وُقوعِ الطَّلاقِ بإشارته إذا علَّقَه على مَشِيئتِه.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ واحدةً إلَّا أن تَشائِى ثلاثًا. فلم تَشَأْ، أو شاءتْ أقلَّ من ثَلاثٍ، طَلُقَتْ واحدةً. وإن قالتْ: قد شئتُ ثلاثًا. فقال أبو بكرٍ: تَطْلُقُ ثلاثًا. وقال أصحابُ الشَّافعىِّ وأبى حنيفةَ: لا تَطْلُقُ إذا شاءتْ ثلاثًا؛ لأنَّ الاستثناءَ مِن الإِثْباتِ نَفْىٌ، فتقديرُه: أنتِ طالقٌ واحدةً إلَّا أن تَشائِى ثلاثًا فلا تَطْلُقِى، ولأنَّه لو لم يَقُلْ: ثلاثًا لما طَلُقَتْ بمَشِيئَتِها ثلاثًا (٨٣)، فكذلك إذا قال: ثلاثًا؛ لأنَّه إنَّما ذكرَ الثَّلاثَ صِفَةً لمَشِيئتِها الرَّافعةِ (٨٤) لطلاقِ الواحدةِ، فيَصيرُ كما لو قال: أنتِ طالقٌ إلَّا أن تُكَرِّرِى مَشِيئَتَكِ (٨٥) ثلاثًا. وقال القاضى: فيها وَجْهانِ؛ أحدُهما، لا تَطْلُقُ؛ لما ذَكَرْنا. والثَّانى، تَطْلُقُ ثلاثًا؛ لأَنَّ السَّابِقَ إلى الفَهْمِ مِنْ هذا الكلامِ إيقاعُ الثَّلاثِ إذا شاءَتْها، كما لو قال: له عَلَىَّ درهمٌ (٨٦)


(٨٢) سقط من: ب، م.
(٨٣) سقط من: الأصل.
(٨٤) فى الأصل: "الواقعة".
(٨٥) فى أ، ب، م: "بمشيئتك".
(٨٦) فى م: "دراهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>