للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْريمِهِ، فأمَّا التِّمْساحُ فقد نُقِلَ عنه ما يَدُلُّ على أنَّه لا يُؤْكَلُ. وقال الأوْزَاعِىُّ: لا بَأْسَ بِه لِمَن اشْتَهاهُ. وقال ابنُ حامدٍ: لا يُؤْكَلُ التِّمْساحُ ولا الْكَوْسَجُ (١٣)؛ لأنَّهُما يأكُلان النَّاسَ. وقد رُوِىَ عن إبراهيم النَّخَعِىِّ أو غيرِه (١٤)، أنَّه قال: كانُوا يَكْرَهُون سِباعَ البَحْرِ، كما يكْرَهون سِباعَ الْبَرِّ. وذلك لِنَهْىِ النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كلِّ ذِى نابٍ من السِّباع. وقال أبو علىٍّ النَّجَّادُ: ما حَرُمَ نَظِيرُه فى البَرِّ، فهو حَرَامٌ فى البحرِ، كَكَلْبِ الماءِ وخِنزيرِه وإنْسانِه. وهو قولُ اللَّيْثِ، إلَّا (١٥) فى كلبِ الماءِ، فإنَّه يَرَى إباحَةَ كلْبِ الْبَرِّ والبَحْرِ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُباحُ إلَّا السَّمكُ. قال مالِكٌ: كُلُّ ما فِى البَحْرِ مُباحٌ؛ لعُمومِ قولِه تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ}.

فصل: وكَلْبُ الماءِ مُباحٌ، ورَكِبَ الحسنُ بنُ علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، سَرْجًا عليه جِلدٌ من جُلودِ كِلابِ الماءِ. وهذا قولُ مالِكٍ، والشافِعِىِّ، واللَّيْثِ. ويقْتَضِيه قولُ الشَّعْبِىِّ، والأوْزَاعِىِّ. ولا يُباحُ عندَ أبى حنيفةَ. وهو قولُ أبى علىٍّ النَّجَّاد، وبعض أصْحابِ الشَّافِعِىِّ. ولَنا، عُمومُ الآيَةِ والخبرِ. قال عبدُ اللَّه: سَألتُ أبِى عن كَلْبِ الماءِ، فقال: حَدَّثَنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن عمرِو بنِ دينارٍ، وأبى الزُّبَيْرِ، سَمِعا شُرَيْحًا رَجُلًا (١٦) أدْرَكَ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقول: كلُّ شىءٍ فى البحرِ فهو مَذْبوحٌ. قال: فذكرْتُ ذلك لعَطاءٍ، فقال: أمَّا الطَّيْرُ فنَذْبَحُه. وقال أبو عبد اللَّه: كلبُ الماءِ نَذبَحُه.

فصل: قيل لأَبِى عبد اللَّه: يُكْرَه الْجِرِّىُّ (١٧)؟ قال: لا واللَّه، كيف لنا بالْجِرِّىِّ؟ ورَخَّص فيه علىٌّ، والحسنُ، ومالِكٌ، والشافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ، وسائِرُ


= باب ما ينهى عن قتله، من كتاب الصيد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٧٤. والدارمى، فى: باب النهى عن قتل الضفادع. . .، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى ٢/ ٨٨. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٤٥٣.
(١٣) الكوسج: سمك خرطومه كالمنشار.
(١٤) فى م: "وغيره".
(١٥) سقط من: م.
(١٦) فى ب، م: "رجل".
(١٧) الجرى؛ كذِمِّىّ: نوع من السمك.

<<  <  ج: ص:  >  >>