للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لم تَصِرْ فى مِلْكِه، إنَّما هى وَدِيعَةٌ فى يدِهِ، فإن تَلِفَتْ، أو نَقَصَتْ، فهى من ضَمانِ مالِكِها، ويحْتَمِلُ أن تكونَ من ضَمانِ القابِضِ لها إذا قَبَضَها بِنِيَّةِ الاسْتِيفاءِ؛ لأنَّها مَقْبُوضَةٌ على أنَّها عِوَضٌ وَوَفاءٌ، والمَقْبُوضُ فى عَقْدٍ فاسدٍ كالمَقْبُوضِ فى العَقْدِ الصَّحِيحِ، فيما يَرْجِعُ إلى الضَّمانِ وعَدَمِهِ. ولو كان لِرَجُلٍ عندَ صَيْرَفِىٍّ دنانيرُ، فأخَذَ منه دَراهِمَ إدْرارًا؛ لتكونَ هذه بهذه، لم يكُنْ كذلك، بل كان (١٢) كلُّ واحدٍ منهما فى ذِمَّةِ مَن قَبَضَه، فإذا أرادَا التَّصارُفَ أحْضَرَا أحَدَهما، واصْطَرَفَا بعَيْنٍ وذِمَّةٍ.

فصل: ويَجُوزُ اقْتِضاءُ أحَدِ النَّقْدَيْنِ من الآخَرِ، ويكون صَرْفًا بِعَيْنٍ وَذِمَّةٍ، فى قولِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، ومَنَعَ منه ابنُ عَبَّاسٍ، وأبو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرحمنِ، وابنُ شُبْرُمَةَ، ورُوِىَ ذلك عن ابنِ مَسْعُودٍ؛ لأنَّ القَبْضَ شَرْطٌ وقد تَخَلَّفَ. ولَنا، ما رَوَى أبو داودَ (١٣)، والأثْرَمُ، فى "سُنَنِهما"، عن ابن عمرَ، قال: كنتُ أَبِيعُ الإِبِلَ بالبَقِيعِ، فأَبِيعُ بالدَّنانيرِ وآخُذُ الدَّراهمَ، وأَبِيعُ بالدَّراهمِ وآخُذُ الدَّنانيرَ، آخُذُ هذه مِن هذه، وأُعْطِى هذه مِن هذه، فأتيتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى بَيْتِ حَفْصَةَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، رُوَيْدَكَ، أسأَلُكَ، إنِّى أَبيعُ الإِبِلَ بالبَقيعِ، فأَبيعُ بالدَّنانيرِ، وآخُذُ الدَّراهمَ، وأبيعُ بالدَّراهمِ، وآخُذُ الدَّنانيرَ، آخُذُ هذه مِن هذه، وأُعْطى هذه من هذه؟ فقال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا بَأْسَ أن تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِها، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُما شَىْءٌ". قال أحمدُ: إنَّما يَقْضيه إيَّاها بالسِّعْرِ. لم يَخْتَلِفُوا أنَّه يَقْضيه إيَّاها بالسِّعْرِ، إلَّا ما قال أصحابُ الرَّأْىِ، إنَّه يَقْضيه مَكانَها ذَهَبًا على التَّراضِى؛


(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) فى: باب فى اقتضاء الذهب من الورق، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٢٤.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى الصرف، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٥١. والنسائى، فى: باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة، وباب أخذ الورق من الذهب، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٤٨، ٢٤٩. وابن ماجه، فى: باب اقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهب، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>