للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُشاهِدُه، على أنَّه مَتَى لَمَسَه وَقَعَ البَيْعُ. والمُنابَذَةُ، أن يقولَ: أىُّ ثَوبٍ نَبَذْتَه إلىَّ فَقَد اشْتَرَيْتُه بكذا. هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. ونحوَه قال مالِكٌ، والأوزاعِىُّ. وفيما رَوَى البُخارِىُّ (٢) أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن المُنَابَذَةِ، وهى طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَه بِالبَيْعِ إلى الرَّجُلِ، قبل أن يُقَلِّبَه أو يَنْظُرَ إليه، ونَهَى عن المُلَامَسَةِ، لَمْسِ الثَّوْبِ لا يَنْظُرُ إليه. ورَوَى مُسْلِمٌ، فى "صَحِيحِه" (٣)، عن أبى هُرَيْرَةَ، فى تَفْسِيرِهما (٤) قال: هو لَمْسُ كلِّ واحِدٍ مِنْهما ثَوْبَ صَاحِبِه بِغيرِ تَأَمُّلٍ. والمُنَابَذَةُ، أنْ يَنْبِذَ كلُّ واحدٍ ثَوْبَه، ولم يَنْظُرْ كلُّ واحدٍ منهما إلى ثَوْبِ صَاحِبِه. وعلى ما فَسَّرْناه به لا يَصِحُّ البَيْعُ فيهما؛ لِعِلَّتَيْنِ؛ إحْداهما، الجَهالَةُ. والثانية، كَونُه مُعَلَّقًا على شَرْطٍ، وهو نَبْذُ الثَّوْبِ إليه، أو لَمْسُه له. وإن عَقَدَ البَيْعَ قبلَ نَبْذِه، فقال: بِعْتُكَ ما تَلْمِسُه مِن هذه الثِّيابِ. أو ما أنْبِذُه إليك. فهو غيرُ مُعَيَّنٍ ولا مَوْصُوفٍ، فأشْبَه ما لو قال: بِعْتُكَ واحِدًا منهما (٥).

فصل: ومن البُيُوعِ المَنْهِىِّ عنها، بَيْعُ الحَصاةِ. فإنَّ أبا هُرَيْرَةَ رَوَى، أنَّ النبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الحَصَاةِ. رواه مُسْلِمٌ (٦). واخْتُلِفَ فى تَفْسِيرِه، فقيل: هو أن يقولَ: ارْمِ هذه الحَصاةَ، فَعَلَى أىِّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ، فهو لك بِدِرْهَمٍ. وقيل: هو أن يقولَ: بِعْتُكَ من هذه الأرضِ مِقْدارَ ما تَبْلُغُ هذه الحَصاةُ، إذا رَمَيْتَها، بكذا. وقيل: هو أن يقولَ: بِعْتُكَ هذا بكذا، على أنِّى مَتَى رَمَيْتُ هذه الحَصَاةَ، وَجَبَ البَيْعُ. وكلُّ هذه البُيُوعِ فاسِدَةٌ، لما فيها من الغَرَرِ والجَهْلِ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا.


(٢) فى: باب بيع الملامسة، من كتاب البيوع. صحيح البخارى ٣/ ٩١.
(٣) فى: باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة، من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٥٢.
(٤) فى م: "تفسيرها".
(٥) سقط من: "م".
(٦) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>