للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يُتِمُّ به الكَفّارَةَ، فصامَ عن الباقِى، لم يُجْزِئْه؛ لأنَّه بَدَلٌ فى الكَفّارَةِ، فلم تُكَمَّلْ به، كسائِرِ الأبْدالِ مع مُبْدَلاتِها، ولأنَّ الصَّوْمَ من الطعامِ والكِسْوَةَ أبْعَدُ من العِتْقِ، فإذا لم يجُزْ تَكْمِيلُ أحَدِ نَوْعَىِ المُبْدَلِ من الآخَرِ، فتَكْمِيلُه بالبَدَلِ أَوْلَى. فإنْ قيل: يبطلُ هذا بالغُسْلِ والوُضوءِ مع التَّيَمُّم. قُلْنا: التَّيَمُّمُ لا يأْتِى بِبَعْضِه بَدَلًا عن بعض الطهارَةِ، إنَّما (٣) يأْتِى به بكمالِه، وههُنا لو أتَى بالصيامِ جَمِيعِه، أَجْزَأَهُ.

١٨٢٦ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ دَخَلَ فِى الصَّوْمِ، ثُمَّ أَيْسَرَ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْخُروجُ مِنَ الصَّوْم إِلَى الْعِتْقِ، والإِطْعَامِ (١)، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ)

فى هذه المَسْأَلَةِ فَصْلان:

أحَدُهما: أنَّه إذا شَرَعَ فى الصومِ، ثم قَدَرَ على العِتْقِ أو الإِطْعامِ أو الكِسْوَةِ، لم يَلْزَمْه الرُّجُوعُ (٢) إليها. رُوِىَ ذلك عن الحسنِ، وقَتادَةَ. وبه قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. ورُوِىَ عن النَّخَعِى، والحَكَمِ، أنَّه يَلْزَمُه الرُّجوعُ (٢) إلى أحَدِها. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّه قَدَرَ على المُبْدَلِ قبلَ إتْمامِ البَدَلِ، فلَزِمَه الرُّجوعُ، كالمُتَيَمِّمِ إذا قدَرَ على الماءِ قبل إتْمامِ صَلاتِه. ولَنا، أنَّه بَدَلٌ لا يبْطُلُ بالقُدْرَةِ على المُبْدَلِ، فلم يَلْزَمْه الرُّجوعُ (٢) إلى المُبْدَلِ بعدَ الشُّروعِ فيه، كما لو شَرَعَ المُتَمَتِّعُ العاجِزُ عن الهَدْى فى صومِ السَّبْعَةِ الأيَّامِ، فإنَّه لا يخْرُجُ، بلا خِلافٍ. والدَّليلُ على أَنَّ البَدَلَ لا يبْطُلُ، أَنَّ البَدَلَ الصَّومُ، وهو صَحِيحٌ مع (٣) قُدْرَته اتّفاقًا، وفارَقَ التَّيَمُّمَ، فإنَّه يبْطُلُ بالقُدْرَةِ على الماءِ بعدَ فَراغِه منه، ولأنَّ الرُّجوعَ إلى طَهارَةِ الماءِ لا مَشَقَّةَ فيه؛ ليُسْرِه، والكَفَّارَةُ يشُقُّ الجَمْعُ فيه (٤) بينَ خَصْلَتَيْنِ، وإيجابُ الرّجُوعِ يُفْضِى إلى


(٣) فى م: "وإنما".
(١) فى م: "أو الإطعام".
(٢) فى ب: "الخروج".
(٣) فى ب: "بعد".
(٤) فى م: "فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>