للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٣٤ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَزُورُهُمَا، أَوْ لَا (١) يُكَلِّمُهُمَا، فَزَارَ أَوْ كَلَّمَ أحَدهُمَا، حَنِثَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ ألَّا يَجْتَمِعَ فِعْلُه بِهِمَا)

يُمْكِنُ أَنْ تكونَ هذه المَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةً على مَنْ حَلَفَ أَنْ (٢) لا يَفْعَلَ شيئًا، ففَعَلَ بَعْضَه، فإِنَّ هذا حالِفٌ على كلامِ شَخْصَيْنِ وزِيارَتِهِما، فتَكْلِيمُه أحَدَهما وزيازتُه فِعْلٌ لبعضِ ما حَلَفَ عليه، وقد مَضَى الكلامُ فى هذا، ويُمْكِنُ أَنْ يقالَ: إِنَّ (٣) تقديرَ يَمِينِه: لا كَلَّمْتُ هذا، ولا كَلَّمْتُ هذا. لأنَّ المَعْطُوفَ يُقَدَّرُ له بعدَ حَرْفِ العَطْفِ فِعْلٌ وعامِلٌ، مثل العامِلِ الذى قَبْلَ المعْطوفِ عليه، فيصيرُ كقَوْلِه سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} (٤). أى: وحُرِّمَتْ عَلَيْكُم بَناتُكم. فيصيرُ كُلُّ واحِدٍ منهما مَحْلُوفًا عليه مُنْفْرِدًا، فيَحْنَثُ به، فإنْ قَصَدَ أنْ لا يَجْتَمِع فِعْلُه بهما، لم يَحْنَثْ إِلَّا بذلك؛ لأنَّه قَصَدَ بِيَمِينِه ما يَحْتَمِلُه، فانْصَرَفَ إليه، وإِنْ قَصَدَ تَرْكَ كلامِ كُلِّ واحِدٍ منهما مُنْفَرِدًا، حَنِثَ بفِعْلِه؛ لأنَّه عقَد يَمِينَه على تَرْكِ ذلك. ولو (٥) قال: واللَّهِ لا كَلَّمْتُ زيدًا ولا عَمْرًا. حَنِثَ بكلامِ كُلِّ واحدٍ (٦) منهما، بغيرِ إشْكالٍ؛ فإِنَّ هذا يقْتَضِى تَرْكَ كلامِ كُلَّ واحِدٍ منهما مُنْفَرِدًا، قال اللَّه تعالَى: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (٣)} (٧). أى لا يَمْلِكُون شيئًا من ذلك.

فصل: فإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ، إِنْ كَلَّمْتِ زيدًا وعمرًا. أو: عَبْدِى حُرٌّ، إِنْ كَلَّمْت زيْدًّا وعمرًا. لم يَقَعِ الطَّلاقُ ولا العِتْقُ إِلَّا بتَكْلِيمِهما (٨)؛ لأنَّه جَعَلَ تَكْلِيمَهُما مَعًا شَرْطًا لوُقُوعِ ذلك، ولا يَثْبُتُ المشْروطُ إِلَّا بوجُودِ الشَّرْطِ جَمِيعِه. وكذلك لو قال لامْرَاتَيْه: إِنْ حِضْتُما، فأنْتُما طالِقَتان. لم يَقَعِ الطَّلاقُ على واحِدَةٍ منهما إِلَّا بحَيْضِهما


(١) فى الأصل، أ: "ولا".
(٢) سقط من: ب.
(٣) سقط من: م.
(٤) سورة النساء ٢٣.
(٥) فى م: "وإن".
(٦) سقط من: ب، م.
(٧) سورة الفرقان ٣.
(٨) فى م: "بتكليمها".

<<  <  ج: ص:  >  >>