للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُشْتَرِى، وربَّما لا يَبْقَى منه إلَّا ما لا نَفْعَ فيه، فأَشْبَهَ ما لو أرادَ أحَدُ الشَّفِيعَيْنِ أَخْذَ بعضِه مع عَفْوِ صَاحِبِه، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشِّقْصِ والسَّيْفِ. وأمَّا إذا قُلْنا: إن (٥٤) الواجِبَ أحَدُ شَيْئَيْنِ. فبِاخْتِيَارِه الصُّلْحَ سَقَطَ القِصَاصُ، وتَعَينَّتَ الدِّيَةُ، فكان الجَمِيعُ عِوَضًا عن المالِ.

فصل: ولا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ في بَيْعِ الخِيَارِ قبلَ انْقِضَائِه، سواءٌ كان الخِيَارُ لهما أو لأحَدِهِما وحدَه، أيِّهما كان. وقال أبو الخَطَّابِ: يَتَخَرَّجُ أن تَثْبُتَ الشُّفْعَةُ؛ لأنَّ المِلْكَ انْتَقَلَ، فتَثْبُتُ [الشُّفْعَةُ في مُدَّةِ] (٥٥) الخِيَارِ، كما بعدَ انْقِضَائِه. وقال أبو حنيفةَ: إن كان الخِيَارُ للبائِعِ، أو لهما، لم تَثْبُت الشُّفْعَةُ حتى يَنْقَضِىَ؛ لأنَّ في الأَخْذِ بها إِسْقَاطَ حَقِّ البائِعِ من الفَسْخِ، وإِلْزَامَ البَيْعِ في حَقِّه بغيرِ رِضاهُ، ولأنَّ الشَّفِيعَ إنَّما يَأْخُذُ من المُشْتَرِى، ولم يَنْتَقِلِ المِلْكُ إليه. وإنْ كان الخِيَارُ لِلْمُشْتَرِى، فقد انْتَقَلَ المِلْكُ إليه، ولا حَقَّ لغيرِه فيه، والشَّفِيعُ يَمْلِكُ أَخْذَهُ بعدَ لُزُومِ البَيْعِ واسْتِقْرَارِ المِلْكِ، فلأَنْ يَمْلِكَ ذلك قبلَ لُزُومِه أَوْلَى، وعامَّةُ ما يُقَدَّرُ ثُبُوتُ الخِيَارِ له، وذلك لا يَمْنَعُ الأَخْذَ بالشُّفْعَةِ، كما لو وَجَدَ به عَيْبًا. وللشّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كالمَذْهَبَيْنِ. ولَنا، أنَّه مَبِيعٌ فيه الخِيَارُ، فلم تَثْبُتْ فيه الشُّفْعَةُ، كما لو كان للبائِعِ؛ وذلك لأنَّ الأَخْذَ بالشُّفْعَةِ يُلْزِمُ المُشْتَرِى بالعَقْدِ بغير رِضَاهُ، ويُوجِبُ العُهْدَةَ (٥٦) عليه، ويُفَوِّتُ حَقَّهُ من الرُّجُوعِ في عَيْنِ الثَّمَنِ، فلم يَجُزْ، كما لو كان الخِيَارُ للبائِعِ، فإنَّنا إنَّما مَنَعْنَا من الشُّفْعَةِ لمَا فيه من إِبْطَالِ خِيَارِ البائِعِ، وتَفْوِيتِ حَقِّ الرُّجُوعِ عليه (٥٧) في عَيْنِ مالِه (٥٨)، وهما في نَظَرِ الشَّرْعِ على السَّوَاءِ. وفارَقَ الرَّدَّ بالعَيْبِ؛ فإنَّه إنَّما ثَبَتَ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ، وذلك يَزُولُ بأَخْذِ


(٥٤) سقط من: الأصل.
(٥٥) سقط من: الأصل.
(٥٦) في الأصل: "العهد".
(٥٧) سقط من: الأصل، ب.
(٥٨) في م: "مالهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>