للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينَ أهلِ العلمِ خِلافًا؛ وذلك لأنَّ القِصَاصَ إراقةُ دَمٍ، عُقوبةً (١) على جِنايةٍ، فيُحْتاطُ له باشْتراطِ الشاهِدَيْنِ العَدْلَيْن، كالحُدودِ. وسَواءٌ كان القِصاصُ يجبُ على مسلمٍ أو كافرٍ، أو حُرٍّ أو عَبْدٍ؛ لأنَّ العُقْوبةَ يُحْتاطٌ لدَرْئِها. وقد رُوِيَتْ (٢) عن أبي عبد اللَّه، رحِمَه اللهُ، روايةٌ أُخْرَى، أنَّه لا يُقْبَلُ في الشَّهادَةِ على القتلِ إلَّا شهادةُ أربَعَةٍ. وهذا مذهبُ الحسنِ؛ لأنَّها شهادةٌ يثبُتُ بها القَتْلُ، فلم [تُقْبَلْ من] (٣) أقلِّ من أربعةٍ، كالشَّهادَةِ على الزِّنَى من الْمُحْصَنِ. ولَنا، أنَّه أحدُ نَوْعَيِ القِصاصِ، فيُقْبَلُ (٤) فيه اثْنانِ، كقَطْعِ الطَّرَفِ. وفارَق الزِّنَى فإنَّه مُخْتَصٌّ بهذا، وليستِ العِلَّةُ كَوْنَه قتلًا، بدليلِ وُجوبِ الأرْبعةِ في زِنَى البِكْرِ، ولا قَتْلَ فيه، ولأَنَّهُ انْفَردَ بإيجابِ (٥) الحَدِّ على الرَّامِي به، والشُّهودِ إذا لم تَكمُلْ شَهادتُهم، فلم يَجُزْ أنْ يُلْحَقَ به ما ليس مثله.

١٥٣١ - مسألة؛ قال: (وَمَا أَوْجَبَ مِنَ الْجِنَايَاتِ المالَ دُونَ القَوَدِ، قُبِلَ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتانِ، أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ مَع يَمِينِ الطَّالِبِ)

وجُمْلتُه أنَّ ما كان مُوجَبَه المالُ، كقَتْلِ الخَطَإِ، وشِبْهِ العَمْدِ، والعَمْدِ في حقِّ مَنْ لا يُكافِئُه، والجائِفَةِ، والمأمُومَةِ، وما دونَ المُوضِحَةِ، وشَريكِ الخاطىء، وأشباهِ هذا، فإنَّه يُقْبَلُ فيه شهادةُ رجلٍ وامرأتَيْن، وشهادَةُ عَدْلٍ ويَمينُ الطَّالبِ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. وقال أبو بكر: لا يثبُتُ أيضًا إلا بِشَهادَةِ عَدْلَيْن، ولا تُسْمَعُ فيه شهادةُ النِّسَاءِ، ولا شاهِدٌ ويَمِينٌ؛ لأنَّها شهادَةٌ على قَتْلٍ، أو جَنَايَةٍ على آدَمِيٍّ، فلا (١) تُسْمَعُ


(١) في الأصل: "وعقوبة".
(٢) في ب، م: "روى".
(٣) في ب، م: "يقبل".
(٤) في الأصل: "فقبل".
(٥) في ب، م: "بوجوب".
(١) في م: "فلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>