للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغَزْوِ، وهو من فُرُوضِ الكِفاياتِ، فالتَّطَوُّعُ أوْلَى. فإن أحْرَمَ بغيرِ إذْنِه، لم يَمْلِكْ تَحْلِيلَه؛ لأنَّه وجَبَ (١٦) بِالدُّخُولِ فيه، فصارَ كالواجِبِ ابْتِداءً، أو كالمَنْذُورِ.

٦٩٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ سَاقَ هَدْيًا وَاجِبًا، فَعَطِبَ دُونَ مَحِلِّهِ، صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ، وَعَلَيْهِ مَكَانَهُ)

الوَاجِبُ من الهَدْىِ قِسْمَانِ؛ أحَدُهما، وَجَبَ بِالنَّذْرِ فى ذِمَّتِه. والثانى، وَجَبَ بغَيرِه، كدَمِ التَّمَتُّعِ، والقِرَانِ، والدِّمَاءِ الوَاجِبَةِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ، أو فِعْلِ مَحْظُورٍ. وجَمِيعُ ذلك ضَرْبانِ: أحدُهما، أن يَسُوقَه يَنْوِى به الواجِبَ الذى عليه، من غيرِ أن يُعَيِّنه بِالقولِ، فهذا لا يَزُولُ مِلْكُه عنه إلَّا بِذَبْحِه، ودَفْعِه إلى أَهْلِه، وله التَّصَرُّفُ فيه بما شاءَ من بَيْعٍ، وَهِبَةٍ، وأكْلٍ، وغيرِ ذلك؛ لأنَّه لم (١) يَتَعَلَّقْ حَقُّ غيرِه به، وله نَماؤُه، وإن عَطِبَ تَلِفَ من مَالِه، وإن تَعَيَّبَ لم يُجْزِئْه ذَبْحُه، وعليه الهَدْىُ الذى كان وَاجِبًا، فإنَّ وُجُوبَه فى الذِّمَّةِ، فلا يَبْرَأُ منه إلَّا بإيصالِه إلى مُسْتَحِقِّه، بِمَنْزِلَةِ مَن عليه دَيْنٌ فحَمَلَه إلى مُسْتَحِقِّه، يَقْصِدُ دَفْعَه إليه فتَلِفَ قبلَ أن يُوصِلَه إليه. الضَّرْبُ الثانِى، أن يُعَيِّنَ الوَاجِبَ عليه بِالْقَوْلِ، فيقولَ: هذا الوَاجِبُ عَلَىَّ. فإنَّه يَتَعَيَّنُ الوُجُوبُ فيه من غيرِ أَن تَبْرَأَ الذِّمَّةُ منه؛ لأنَّه لو أوْجَبَ هَدْيًا ولا هَدْىَ عليه لتَعَيَّنَ (٢)، فإذا كان وَاجِبًا فَعَيَّنَهُ فكذلك، إلَّا أنَّه مَضْمُونٌ عليه، فإن عَطِبَ، أو سُرِقَ، أو ضَلَّ، أو نحوُ ذلك، لم يُجْزِهِ، وعادَ الوُجُوبُ إلى ذِمَّتِه، كما لو كان لِرَجُلٍ عليه دَيْنٌ، فاشْتَرَى به منه مَكِيلًا، فتَلِفَ قبلَ قَبْضِه، انْفَسَخَ البَيْعُ، وعادَ الدَّيْنُ إلى ذِمَّتِه، ولأنَّ ذِمَّتَهُ لم تَبْرَأْ مِن الوَاجِبِ بِتَعْيينِه، وإنَّما


(١٦) فى أ، ب، م: "واجب".
(١) سقط من: أ، ب، م.
(٢) فى ب، م: "متعين".

<<  <  ج: ص:  >  >>