للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّوْثَ، وقد دَلَّلْنا على طَهَارَةِ بَوْلهِ، فهذا أوْلَى، وكذلك مَنِيُّه.

القِسْمُ الثَّالِثُ: ما لا يُؤْكَلُ لَحْمُه، ويُمْكنُ التَّحَرُّز منه، وهو نَوْعان:

أحَدُهُما، الكَلْبُ والخِنْزِيرُ، فهما نَجِسانِ بِجَمِيعِ أجْزَائِهما وفَضَلاتِهِما، وما يَنْفصِلُ عنهما. الثَّانِى، ما عَدَاهما من سِبَاعِ البَهَائِمِ وجَوَارِحِ الطَّيْرِ والبَغْلِ والحِمَارِ، فعن أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، أنَّها نَجِسَةٌ بِجَمِيعِ أجْزَائِها وفَضَلاتِها، إلَّا أنَّه يُعْفَى عن يَسِيرِ نَجَاسَتِها. وعنه ما يَدُلُّ على طَهَارَتِها. فَحُكْمُها حُكْمُ الآدَمِىِّ، على ما فُصِّلَ.

القِسْمُ الرَّابِعُ: ما لا يُمْكِنُ التَّحَرُّز منه، وهو نَوْعانِ: أحَدُهما، ما يَنْجُسُ بالمَوْتِ، وهو السِّنَّوْرُ وما دُونَه في الخِلْقَةِ، فَحُكْمُه حُكْمُ الآدَمِىِّ، ما حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِه من الآدَمِىِّ، فهو منه نَجِسٌ. وما حَكَمْنَا بِطهارَتِه من الآدَمِىِّ، فهو منه طَاهِرٌ، إلَّا مَنِيَّهُ، فإنَّه نَجِسٌ؛ لأَنَّ مَنِىَّ الآدَمِىِّ بَدْءُ خَلْقِ آدَمِىٍّ فَشَرُفَ بِتَطْهِيرِه، وهذا مَعْدُومٌ (٢٣) ههُنا. النَّوْعُ الثَّانِى، ما لا نَفْسَ له سائِلَةٌ، فهو طاهِرٌ بِجَمِيعِ أجْزَائِه وفَضَلاتِه.

٢٢٨ - مسألة؛ قال: (إلَّا بوْلُ الغُلامِ الذي لم يَأْكُل الطَّعَامَ، فإنَّه لَه يُرَشُّ الماءُ عَلَيْهِ)

هذا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، إذ ليس مَعْنَى الكلامِ طَهَارَةَ بَوْلِ الغُلامِ، إنَّما أرَادَ أنَّ بَوْلَ الغُلامِ الذي لم يَطْعَم الطَّعَامَ يُجْزِئُ فيه الرَّشُّ، وهو أن يَنْضَحَ عليه الماءَ حتَّى يَغْمُرَه، ولا يَحْتَاجُ إلى مَرْشٍ (١) وعَصْرٍ، وبَوْلُ الجَارِيَةِ يُغْسَلُ وإن لم تَطْعَمْ. وهذا قَوْلُ عَلِىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه. وبه قال عَطَاءٌ، والحسنُ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ. وقال القاضي: رأَيْتُ لأبي إسْحاقَ بن شَاقْلا كَلامًا يَدُلُّ على طهارةِ بَوْلِ الغُلامِ؛ لأنَّه لو كان نَجِسًا لوجبَ غَسْلُه. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: يُغْسَلُ بَوْلُ الغُلامِ كما يُغْسَلُ


(٢٣) في أ، م: "معلوم" تحريف.
(١) في م: "رش". والمرش: الخدش والحك بأطراف الأصابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>