للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا (٢١) يَبطُلُ ما عقدَه لغيرِه، كما لو ماتَ الوَلِىُّ فى النِّكاحِ، لم يَبْطُلِ النِّكاحُ، ولهذا ليسَ للإمامِ أنْ يَعزِلَ القاضىَ مِن غيرِ تَغَيُّرِ حالِه، ولا يَنْعَزِلُ إذا عَزَلَه، بخلافِ نائبِ الحاكمِ، فإنَّه تَنْعَقِدُ وِلايتُه لنفسِه نائبًا عنه، فمَلَكَ عَزْلَه، ولأنَّ القاضىَ لو انعْزَلَ بمَوْتِ الإِمامِ، لَدَخَلَ الضَّررُ على المسلمين؛ لأنَّه يُفْضِى إلى عَزْلِ القُضاةِ فى جميعِ بلادِ المسلمين، وتَتَعطَّلُ الأحْكامُ، وإذا ثبتَ أنَّه (٢٢) يَنعزلُ، فليسَ له قَبولُ الكتابِ؛ لأنَّه حينئذٍ ليس بقاضٍ.

١٨٧٦ - مسألة؛ قال: (وَلَا تُقْبَلُ التَّرْجَمَةُ عَنْ أعْجَمِىٍّ حَاكَمَ (١) إلَيْهِ، إذَا لَمْ يَعْرِفْ لِسَانَهُ، إلَّا مِنْ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِ لِسَانَهُ)

وجملتُه أنَّه إذا تَحاكمَ إلى القاضى العَربىِّ أعْجَمِيَّان، لا يَعْرِفُ لسانَهما، أو أعْجَمِىٌّ وَعَربىٌّ، فلابُدَّ مِن مُتَرْجِمٍ عنهما. ولا تُقبلُ التَّرجمةُ إلَّا مِن اثْنينِ عَدْلَينِ. وبهذا قال الشافعىُّ. وعن أحمدَ، رِوايةٌ أُخرَى، أنَّها تُقْبلُ مِن واحدٍ. وهو اخْتِيارُ أبى بكرٍ عبدِ العزيزِ، وابنِ المُنْذِرِ، وقولُ أبى حنيفةَ. وقال ابنُ المُنْذِرِ، فى حديثِ زيدِ بنِ ثابتٍ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرَه أنْ يتعلَّمَ كتابَ يَهود. قال: فكنتُ أكتُبُ له إذا كتبَ إليهم، وأقْرأْ له إذا كَتَبُوا (٢). ولأنَّه ممَّا لا يَفْتَقِرُ إلى لفظِ الشَّهادةِ، فأجْزأَ فيه الواحدُ، كأخْبارِ الدِّياناتِ. ولَنا، أنَّه نَقْلُ ما خَفِىَ على الحاكمِ إليه، فيما يتعلَّقُ بالمُتَخاصِمَيْنِ، فوَجَبَ فيه العَدَدُ، كالشَّهادةِ، ويُفارِقُ أخْبارَ الدِّياناتِ؛ فإنَّها (٣) لا تتَعلَّقُ بالمُتخاصِمَينِ، ولا نُسلِّمُ أنَّه لا يُعْتَبرُ فيه لفظُ الشهادةِ، ولأنَّ ما لا يَفهمُه الحاكمُ وجُودُه عِنْدَه كغَيْبتِه (٤)، فإذا تُرْجِمَ له، كان كنَقْلِ الإقْرارِ إليه مِن غيرِ مَجْلِسه، ولا يُقْبَلُ ذلك إلَّا مِن شاهِدَيْنِ، كذا هاهُنا. فعلى


(٢١) فى ب، م: "فلم".
(٢٢) فى م زيادة: "لا".
(١) فى م: "تحاكم".
(٢) أخرجه البخارى، فى: باب ترجمة الحكام، من كتاب الأحكام. صحيح البخارى ٩/ ٩٤.
(٣) فى الأصل، أ: "لأنها".
(٤) فى م: "كعدمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>