للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَتَعَلَّقْ حَقُّه بِعَيْنِ مَالٍ، ولا ثَبَتَ مِلْكُه فيه، ويَضْرِبُ مع الغُرَمَاءِ بالمُسْلَمِ فيه الذى يَسْتَحِقُّه دونَ الثَّمَنِ، فيُعْزَلُ له قَدْرُ حَقِّهِ، فإن كان فى المالِ جِنْسُ حَقِّه، أخَذَ منه بِقَدْرِ ما يَسْتَحِقُّه، وإن لم يكُنْ فيه جِنْسُ حَقِّه، عُزِلَ له بِقَدْرِ حَقِّه، فيَشْتَرِى به المُسْلَمَ فيه، فيَأْخُذُه، وليس له أن يَأْخُذَ المَعْزُولَ بِعَيْنِه؛ لِئَلَّا يكونَ بَدَلًا عمَّا فى الذِّمَّةِ من المُسْلَمِ فيه. ولا يجوزُ أخْذُ البَدَلِ عن المُسْلَمِ فيه. وإن أمْكَنَ أن يشْتَرى بالمَعْزُولِ أكْثَرَ ممَّا قُدِّرَ له، لِرُخْصِ المُسْلَمِ فيه، اشْتُرِىَ له بِقَدْرِ حَقِّه، وَرُدَّ الباقِى على الغُرَمَاءِ. مِثالُه، رَجُلٌ أَفلَسَ وله دِينَارٌ، وعليه لِرَجُلٍ دِينَارٌ، ولآخَرَ قَفِيزُ حِنْطَةٍ من سَلَمٍ قِيمَتُه (٢) دِينَارٌ. فإنَّه يُقْسَمُ دِينَارُ المُفْلِسِ نِصْفَيْنِ، لِصَاحِبِ الدِّينَارٍ نِصْفُه، ويُعْزَلُ نِصْفُه لِلْمُسْلِمِ، فإن رَخُصَتِ الحِنْطَةُ، فصَارَ قِيمَةُ القَفِيزِ نِصْفَ دِينَارٍ، تَبَيَّنَّا أنَّ حَقَّهُ مثلُ نِصْفِ حَقِّ صَاحِبِ الدِّينَارِ، فلا يَسْتَحِقُّ من دِينَارِ المُفْلِسِ إلَّا ثُلُثَه، فيُشْتَرَى (٣) له به ثُلُثَا قَفِيزٍ، فيُدْفَعُ إليه، ويُرَدُّ سُدُسُ الدِّينَارِ على الغَرِيمِ الآخَرِ، فإن غَلَا المُسْلَمُ فيه، فصَارَ قِيمَةُ القَفِيزِ دِينَارَيْنِ، تَبَيَّنَّا أنَّه يَسْتَحِقُّ مِثْلَىْ ما يَسْتَحِقُّه صَاحِبُ الدِّينَارِ، فيكونُ له من دِينَارِ المُفْلِسِ ثُلُثَاهُ فيُشْتَرَى له بالنِّصْفِ المَعْزُولِ، ويُرْجَعُ على الغَرِيمِ بِسُدُسِ دِينَارٍ، يُشْتَرَى له به أيضا؛ لأنَّ المَعْزُولَ مِلْكُ المُفْلِس، وإنما لِلْمُسْلِمِ قَدْرُ حَقِّه، فإن زَادَ فَلِلْمُفْلِسِ، وإن نَقَصَ فعليه.

فصل: قال عبدُ اللَّه بن أحمدَ: سألتُ أبى عن رجلٍ عندَه رُهُونٌ كَثِيرَةٌ، لا يَعْرِفُ أصْحَابَها، ولا مَن رَهَنَ عندَه. قال: إذا أَيِسْتَ من مَعْرِفَتِهِم، ومَعْرِفَةِ وَرَثَتِهِمْ، فأَرَى أن تُبَاعَ ويُتَصَدَّقَ بِثَمَنِها، فإن عَرَفَ بعدُ أَرْبَابَها، خَيَّرَهُم بين الأَجْرِ أو يَغْرَمَ لهم، هذا الذى أذْهَبُ إليه. وقال أبو الحارِثِ، عن أحمدَ، فى


(٢) فى الأصل: "ثمنه".
(٣) فى أ، م: "يشترى".

<<  <  ج: ص:  >  >>