بالخِيَارِ فلم يَنْقَضِ الخِيَارُ حتى رُدَّتْ، اسْتَقْبَلَ البَائِعُ بها حَوْلًا، سَوَاءٌ كان الخِيَارُ لِلْبَائِعِ أو لِلْمُشْتَرِي؛ لأنَّه تَجْدِيدُ مِلْكٍ. وإن حَالَ الحَوْلُ على النِّصَابِ الذي اشْتَرَاهُ وَجَبَتْ فيه الزكاةُ، فإن وَجَدَ به عَيْبًا قبلَ إخْرَاجِ زَكَاتِه فله الرَّدُّ، سَوَاءٌ قُلَنا الزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بالعَيْنِ، أو بِالذِّمَّةِ؛ لما بَيَّنَّا من أنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ في العَيْنِ بِمَعْنَى اسْتِحْقاقِ الفُقَرَاءِ جُزْءًا منه، بل بِمَعْنَى تَعَلُّقِ حَقٍّ به، كتَعَلُّقِ الأرْشِ بالجانِي، فَيَرُدُّ النِّصابَ، وعليه إخْرَاجُ زَكَاتِه من مَالٍ آخَرَ. فإن أخْرَجَ الزكاةَ منه، ثم أرادَ رَدَّهُ، انْبَنَى على المَعِيبِ إذا حَدَثَ به عَيْبٌ آخَرُ عند المُشْتَرِى، هل له رَدُّهُ؟ على رِوَايَتَيْنِ، وانْبَنَى (٧) أيضا على تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، فإن قُلْنَا: يجوزُ. جَازَ الرَّدُّ هاهُنا، وإلَّا لم يَجُزْ. ومتى رَدَّهُ فعليه عِوَضُ الشَّاةِ المُخْرَجَةِ، تُحْسَبُ عليه بالحِصَّةِ من الثَّمَنِ، والقَوْلُ قَوْلُه في قِيمَتِها مع يَمينِه، إذا لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ؛ لأنَّها تَلِفَتْ في يَدِهِ، فهو أعْرَفُ بِقِيمَتِها، ولأنَّ القِيمَةَ مُدَّعاةٌ عليه، فهو غَارِمٌ، والقَوْلُ في الأُصُولِ قَوْلُ الغارِمِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ القَوْلَ قَوْلُ البائِعِ؛ لأنَّه يَغْرَمُ الثَّمَنَ، فيَرُدُّهُ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ الغارِمَ لِثَمَنِ الشَّاةِ المُدَّعاةِ هو المُشْتَرِى. فإن أخْرَجَ الزَّكاةَ من غيرِ النِّصَابِ، فله الرَّدُّ وَجْهًا وَاحِدًا.
فصل: فإن كان البَيْعُ فاسِدًا، لم يَنْقَطِعْ حَوْلُ الزكاةِ في النِّصابِ، وبَنَى على حَوْلِه الأوَّلِ؛ لأنَّ المِلْكَ ما انْتَقَلَ فيه إلَّا أن يَتَعَذَّرَ رَدُّهُ، فيَصيرَ كالمَغْصُوبِ، على ما مَضَى.
فصل: ويجوزُ التَّصَرُّفُ في النِّصابِ الذي وَجَبَتِ الزكاةُ فيه، بالبَيْعِ والهِبَةِ وأنواعِ التَّصَرُّفَاتِ، وليس لِلسَّاعِي فَسْخُ البَيْعِ. وقال أبو حنيفةَ: تَصِحُّ، إلَّا أَنَّه إذا امْتَنَعَ من أداءِ الزكاةِ نقَض البَيْعَ في قَدْرِهَا. وقال الشَّافِعِيُّ: في صِحَّةِ البَيْعِ قَوْلَانِ، أحَدُهما، لا يَصِحُّ؛ لأنَّنا إن قُلْنا إن الزكاةَ تَتَعَلَّقُ بالعَيْنِ، فقد بَاعَ ما لا يَمْلِكُه، وإن