للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن غيرِه خلافُه، فيكون إجْماعًا، ولأنَّ المطرَ عُذْرٌ يُبيحُ الجمْعَ، فأثَّر في أفْعالِ الصلاة كالسَّفَرِ [والمرضِ، وحديث أبى سعيد كان بالمدينةِ والنَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصلِّى في مسجده، والظَّاهِرُ أنَّ الطِّينَ كان يسيرًا لم يؤثِّرْ في غيرِ الأنْفِ والجَبْهةِ، وإنَّما أُبِيحَ منه ما كان كثيرًا يُؤثِّر في تلْويثِ الثِّيابِ والبَدَنِ، وتَلْحقُ المَضَرَّةُ بالسُّجودِ فيه] (١٤).

فصل (١٥): ولا يباحُ للمصلِّى بالإِيماء مِن أجْلِ الطِّين تَرْكُ الاسْتقْبالِ؛ لأنَّه قادرٌ عليه مِن غير ضَرَرٍ، فلم يسْقُطْ في الفَرْضِ، كغيرِ حالةِ المطرِ، ولأنَّ الاسْتقْبالَ شَرْطٌ لا يسقطُ إلَّا بالعَجْزِ عنه، وهو غيرُ عاجزٍ، وكذلك لو أمْكنَه النُّزولُ والصلاةُ قائما مِن غيرِ مَضَرَّةٍ، لم يَجُزْ له الصلاة على دابَّتِه؛ لأنَّه قدَر على القيامِ مِن غيرِ ضَرَرٍ، فلَزِمَه؛ لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (١٦). ولا يسقطُ الرُّكُوعُ؛ لأنَّه قادرٌ عليه، ويُومِىءُ بالسُّجودِ؛ لعَجْزِهِ عنه إلَّا بمَضَرَّةٍ وتلوُّثٍ. وإن تضرَّرَ بالنُّزولِ عن دابَّتِه وتَلوَّث، صلَّى عليها؛ للخَبَرِ.

فصل: (١٧) فأمَّا الصلاةُ على الرَّاحلةِ لأجْلِ المرض، فلا يخْلُو من ثلاثة أحوال:


(١٤) في م: "يؤثر في القصر. وأما حديث أبى سعيد فيحتمل أن الطين كان يسيرا لا يؤثر في تلويث الثياب".
(١٥) ورد هذا الفصل في م بعد الفصل التالى، وجاء هكذا: "فصل: ومتى صلى على الراحلة لمرض أو مطر، فليس له ترك الاستقبال. وهو ظاهر كلام الخرقى، حيث قال: ولا يصلى في غير هاتين الحالتين فرضا ولا نافلة، إلا توجها إلى الكعبة، ولأن قوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [سورة البقرة ١٤٤] عام، خرج منه في حال الخوف في صلاة الفرض، محافظة على بقاء النفس، ففيما عداه يبقى الاستقبال لعموم الآية".
(١٦) سورة البقرة ٢٣٨.
(١٧) ورد هذا الفصل في م باختلاف أيضًا، وفيهما: "فأما الصلاة على الراحلة لأجل المرض، ففيه روايتان: إحداهما، يجوز. اختارها أبو بكر؛ لأن المشقة بالنزول في المرض أشد مها بالنزول في المطر، فإذا أثر المطر في إباحة الصلاة على الراحلة فالمرض أولى. والثانية لا يجوز ذلك. واحتج لها أحمد بأن ابن عمر كان ينزل مرضاه، ولأنه قادر على الصلاة أو على السجود، فلم يجز تركه كغير المرض، والفرق بينه وبين المطر، أن النزول في المطر يبلل ثيابه ويلوثها، ولا يتمكن من الصلاة بالمشقة، ونزول المريض يؤثر في حصوله على الأرض، وهو أسكن له وأمكن من كونه على الظهر، وقد اختلفت جهة المشقة، فالمشقة على المريض في نفس جهة النزول، لا في =

<<  <  ج: ص:  >  >>