لا تزولُ وِلايتُه، ويُضمُّ إليه أمينٌ يَنْظُرُ معه. ورُوِىَ ذلك عنِ الحسنِ، وابنِ سِيرينَ؛ لأنَّه أمْكَنَ حِفْظُ المالِ بالأمينِ، وتحْصِيلُ نَظَرِ الوَصِىِّ بإبْقائِه في الوَصِيَّةِ، فيكونُ جمعًا بين الْحَقَّينِ. وإن لم يُمْكِنْ حِفْظُ المالِ بالأمِينِ، تَعيَّنَ إزالةُ يَدِ الفاسقِ الخائنِ وقطعُ تَصرُّفِه؛ لأنَّ حِفْظَ المالِ على اليتيمِ أوْلَى من رِعَايةِ قولِ المُوصِى الفاسدِ. وأمَّا التَّفْريقُ بين الفِسْقِ الطَّارِئُ وبينَ المُقارِنِ، فبعيدٌ؛ فإنَّ الشُّروطَ تُعْتَبَرُ في الدَّوامِ، كاعْتبارِها في الابتداءِ، سِيَّما إذا كانت لمعنًى يَحتاجُ إليه في الدَّوامِ، ولو لم يكنْ بدٌّ من التفريقِ، لَكانَ اعتبارُ العَدالةِ في الدَّوامِ أوْلَى، مِن قِبلِ أنَّ الفِسْقَ إذا كانَ مَوْجُودًا حالَ الوَصِيَّةِ، فقد رَضِىَ به المُوصِى، مع عِلْمِه بحالِه، وأوْصَى إليه رَاضِيًا بِتَصرُّفِه مع فِسْقِهِ، فيُشْعِرُ ذلك بأنَّه عَلِمَ أنَّ عندَه من الشَّفَقةِ على اليتيمِ ما يَمْنعُه من التَّفْريطِ فيه وخِيانتِه في مالِه، بخلافِ ما إذا طَرَأَ الفِسْقُ، فإنَّه لم يَرْضَ به على تلك الحالِ، والاعتبارُ برِضَاهُ، ألا تَرَى أنَّه لو أوْصَى إلى واحدٍ، جازَ له التَّصَرُّفُ وَحْدَه، ولو وَصَّى إلى اثنينِ، لم يَجُزْ للواحدِ التَّصَرُّفُ.
فصل: وأمَّا العَدْلُ الذي يَعجِزُ عن النَّظرِ، لِعلَّةٍ أو ضَعْفٍ، فإنَّ الوَصِيَّةَ تَصحُّ إليه، ويَضُمُّ إليه الحاكمُ أمِينًا، ولا يُزِيلُ يَدَه عن المالِ، ولا نظرَه؛ لأنَّ الضَّعيفَ أهلٌ للولايةِ والأمانةِ، فصَحَّتِ الوَصِيَّةُ إليه. وهكذا إن كانَ قَوِيًّا، فحدَثَ فيه ضعفٌ أو عِلَّةٌ، ضَمَّ الحاكمُ إليه يَدًا أُخْرَى، ويكون الأوَّلُ هو الوَصِىَّ دونَ الثاني، وهذا معاونٌ؛ لأنَّ وِلايةَ الحاكِم إنَّما تكونُ عندَ عَدَمِ الوَصِىِّ. وهذا قولُ الشافعىِّ، وأبى يوسف. ولا (٣) أعلمُ لهما مُخالِفًا.
فصل: وإذا تَغيَّرتْ حالُ الوَصِىِّ بجُنونٍ، أو كُفرٍ، أو سَفَهٍ، زالتْ ولايتُه، وصارَ كأنَّه لم يُوصَ إليه، ويرجعُ الأمرُ إلى الحاكمِ، فيُقِيمُ أمِينًا ناظرًا للمَيِّتِ في أمرِه وأمر أولادِه من بَعْدِه، كما لو لم يُخْلِفْ وَصيًّا. وإن تَغيَّرتْ حالُه بعدَ الوَصِيَّةِ وقبلَ