للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَطَّابِ: لا تَسْقُطُ شُفْعَتُه [لأنَّها ثَبَتَتْ] (٣٧) له ولم يُوجَدْ منه رِضًى بِتَرْكِها، ولا ما يَدُلُّ على إسْقاطِها، والأَصْلُ بَقاؤُها فتَبْقَى. وفارَقَ ما إذا عَلِمَ، فإنَّ بَيْعَه دَلِيلٌ على رِضَاهُ بِتَرْكِها، فعلى هذا، للبائِع الثانِى أخْذُ الشِّقْصِ من المُشْتَرِى الأَوَّلِ، فإن عَفَا عنه (٣٨)، فلِلمُشْتَرِى الأولِ أخْذُ الشِّقْصِ من المُشْتَرِى الثاني، وإن أخَذَ منه، فهل لِلْمُشْتَرِى الأولِ الأَخْذُ من الثانِى؟ على وَجْهَيْنِ.

٨٧٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ كَانَ غائِبًا، وعَلِمَ بِالْبَيْعِ في وَقْتِ قُدُومِهِ، فَلَهُ الشُّفْعةُ، [وَإنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ)

وجملةُ ذلك أنَّ الغائِبَ له شُفْعَةٌ] (١). في قولِ أَكْثَر أهْلِ العِلْمِ. رُوِى ذلك عن شُرَيْحٍ، والحَسَنِ، وعَطَاءٍ. وبه قال مالِكٌ، واللَّيْثُ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، والعَنْبَرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى. ورُوِىَ عن النَّخَعِيِّ: ليس للغائِبِ شُفْعَةٌ. وبه قال الحارِثُ العُكلِىُّ، والبَتِّىُّ، إلَّا للغائِبِ القَرِيبِ؛ لأنَّ إثْباتَ الشُّفْعةِ له (٢) يَضُرُّ بالمُشْتَرِى، ويَمْنَعُ من اسْتِقْرارِ مِلْكِه وتَصَرُّفِه على حَسَبِ اخْتِيارِه، خَوْفًا من أَخْذِه، فلم يَثْبُتْ ذلك كَثُبُوتِه للحاضِرِ على التَّرَاخِى. ولَنا، عُمُومُ قولِه عليه السلامُ: "الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ" (٣). وسائرُ الأَحادِيثِ، ولأنَّ الشُّفْعةَ حَقٌّ مالِىٌّ وُجِدَ سَبَبُه بالنِّسْبةِ إلى الغائِبِ، فيَثْبُتُ له، كالإِرْثِ، ولأنَّه شَرِيكٌ لم يَعْلَم بالبَيْعِ، فتَثْبُتُ له الشُّفْعةُ عند عِلْمِه، كالحاضِرِ إذا كُتِمَ عنه البَيْعُ، والغائِبِ غَيْبةً قَرِيبةً، وضَرَرُ المُشْتَرِى يَنْدَفِعُ بإِيجابِ القِيمَةِ له، كما في الصُّوَرِ (٤) المذْكُورةِ. إذا


(٣٧) في ب: "لأنَّه أثبتت".
(٣٨) في الأصل: "عنها".
(١) سقط من: ب.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٤٣٥.
(٤) في م: "الصورة".

<<  <  ج: ص:  >  >>