للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّما اليَمِينُ مُقَوِّيَةٌ (٢٥) له. والثَّانى، لا يُحْبَسُ. وهو الصَّحيحُ؛ لِأَنَّهُ إن حُبِسَ له (٢٦) ليُقِيمَ شاهِدًا آخرَ يُتِمُّ بهما (٢٧) البَيِّنَةَ، فهو كالحُقوقِ التى لا تثْبُتُ إِلَّا بشاهِدَيْنِ، وإن حُبسَ لِيَحْلِفَ معه، فلا حاجَةَ إليه، فإِنَّ الحَلِفَ مُمْكِنٌ فى الحالِ، فإن حلَفَ، ثبَتَ حَقُهُ، وإلَّا، لم يَجِبْ شىءٌ. ويَحْتَمِلُ أن يُقالَ: إن كان المُدَّعِى باذِلًا لليَمِينِ، والتَّوَقُّفُ لأجْلِ إثْبات عَدالَةِ الشَّاهِدِ، حُبِسَ؛ لما ذَكَرْنا فى التى قبلَها. وإن كان التَّوَقُّفُ عن الحُكمِ لِغَيْرِ (٢٨) ذلك، لم يُحْبَسْ؛ لما [ذكرْناه. قال القاضى] (٢٩): وكُلُّ مَوْضِعٍ حُبِسَ فيه بشاهِدَيْنِ، اسْتُدِيمَ الحَبْسُ حتى تثْبُتَ عَدالَةُ الشُّهودِ أو فِسْقُهم، وكُلُّ مَوْضِعٍ حُبِسَ (٣٠) بشاهِدٍ واحدٍ، فإِنَّهُ يُقالُ للمَشْهُودِ له: إن جِئْتَ بشاهِدٍ آخَرَ إلى ثلاثٍ (٣١) وإلَّا أطْلَقْنَاهُ.

فصل: وإنِ ادَّعَى العَبْدُ أَنَّ سيِّدَه أعتَقَهُ، وأقام شاهِدَيْنِ، ولم يُعدَّلَا، فسأل العَبْدُ الحاكِمَ أن يحُولَ بينَه وبينَ سيِّدِه، إلى أن يَبْحَثَ الحاكِمُ عن عَدَالَةِ الشُّهودِ، فعلى الحاكِمِ ذلك، ويُؤْجِرُه من ثِقَةٍ، ويُنْفِقُ عليه من كَسْبهِ، ويَحْبسُ الباقىَ، فإن عُدِّلَ الشّاهِدانِ، سُلِّم إليه الباقِى من كَسْبِهِ، وإن فُسِّقَا (٣٢)، رُدَّ إلى سَيِّدِه. وإنّما حُلْنا بينهما؛ لما ذكَرْناه فى الفَصْلِ الذى قبلَ هذا، ولِأَنَّنا لو لم نَحُلْ بينَهما، أفْضَى إلى أن تكُونَ أمَةً، فيطأَها. وإن أقامَ شاهِدًا واحِدًا، وسأل أن يُحالَ بينَهما، ففيه وَجْهان. وإن أقامَتِ المَرْأَةُ شاهِدَيْنِ يشهدَانِ بطَلَاقِها، ولم تُعْرَفْ عَدالَةُ الشُّهودِ، حِيلَ بينَهُ وبَيْنَها، وإن أقامَتْ شاهِدًا واحِدًا، لم يُحَلْ بينَهما؛ لِأنَّ البَيِّنَةَ لم تَتِمَّ، وهذا ممَّا لا يثْبُتُ إِلَّا بشاهِدَيْنِ، فلا يثْبُتُ بشاهِدٍ واحدٍ. واللَّهُ أعلمُ.


(٢٥) فى أ: "معونة".
(٢٦) سقط من أ، ب، م.
(٢٧) فى م: "به".
(٢٨) فى م: "بغير".
(٢٩) فى أ: "ذكرنا فى التى قبلها".
(٣٠) فى م زيادة: "فيه".
(٣١) سقط من: الأصل.
(٣٢) فى م: "فسق".

<<  <  ج: ص:  >  >>