للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويجوزُ أن يَسْتَأْجِرَ سِمْسَارًا، يَشْتَرِى (٣٢) له ثِيابًا، ورَخَّصَ فيه ابنُ سِيرِينَ، وعَطَاءٌ، والنَّخَعِيُّ. وكَرِهَه الثَّوْرِيُّ، وحَمَّادٌ. ولَنا، أنَّها مَنْفَعَةٌ مُبَاحةٌ، تجوزُ النِّيَابةُ فيها، فجازَ الاسْتِئْجارُ عليها، كالبِنَاءِ. ويجوزُ على مُدّةٍ مَعْلُومةٍ، مثل أن يَسْتَأْجِرَه عَشرَةَ أيامٍ يَشْتَرِى له فيها؛ لأنَّ المُدَّةَ مَعْلُومةٌ، والعَمَلَ مَعْلُومٌ، أشْبَهَ الخَيَّاطَ والقَصَّارَ. فإنْ عَيَّنَ العَمَلَ دونَ الزَّمَانِ، فجَعَلَ له مِن كلِّ ألْفِ دِرْهَمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا، صَحَّ أيضًا. وإن قال: كلَّما اشْتَرَيْتَ ثَوْبًا، فلك (٣٣) دِرْهَمٌ أجْرًا. وكانت الثِّيَابُ مَعْلُومةً بِصِفَةٍ، أو مُقَدَّرةً بِثَمَنٍ، جازَ. وإن لمْ يكُنْ كذلك، فظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه لا يجوزُ؛ لأنَّ الثِّيابَ تَختَلِفُ بِاخْتِلَافِ أثْمانِها، والأجْرُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِها، فإن اشْتَرَى، فله أجْرُ مِثْلِه. وهذا قولُ أبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّه عَمِلَ عَمَلًا بِعِوَضٍ لم يُسَلَّمْ له، فكان له أجْرُ المِثْلِ، كسائِر الإِجَاراتِ الفاسِدَةِ.

فصل: وإن اسْتَأْجَرَهُ (٣٤) لِيَبِيعَ له ثِيَابًا بِعَيْنِها، صَحَّ. وبه قال الشافِعِيُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّ ذلك يَتَعَذَّرُ عليه، فأشْبَهَ ضِرَابَ الفَحْلِ، وحَمْلَ الحَجَرِ الكَبِيرِ. ولَنا، أنَّه عَمَلٌ مُباحٌ، تجوزُ النِّيابةُ فيه، وهو مَعْلُومٌ، فجازَ [الاسْتِئْجارُ عليه كشِرَاءِ الثِّيابِ، ولأنَّه يجوزُ عَقْدُ الإِجَارَةِ عليه مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ] (٣٥)، فجازَ مُقَدّرًا بعَمَلٍ (٣٦)، كالخِيَاطةِ. وقولُهم: إنَّه غيرُ مُمْكنٍ. لا يَصِحُّ؛ فإنَّ الثِّيابَ لا تَنْفَكُّ عن راغِبٍ فيها، ولذلك صَحَّتِ المُضَارَبةُ، ولا تكونُ إلَّا بالبَيْعِ والشِّرَاءِ، بِخلَافِ ما قَاسُوا عليه، فإنَّه مُتَعَذِّرٌ. وإن اسْتَأْجَرَه على شِرَاءِ ثِيَابٍ مُعَيّنةٍ، احْتَمَلَ أن لا يَصِحَّ؛ لأنَّ ذلك لا يكونُ إلَّا من واحدٍ، وقد لا يَبِيعُ، فيَتَعَذَّرُ تَحْصِيلُ (٣٧) العَمَلِ بحُكْمِ


(٣٢) في ب: "ليشترى".
(٣٣) في الأصل: "فله ألف".
(٣٤) في ب، م: "استأجر".
(٣٥) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٣٦) في ب، م: "بالعمل".
(٣٧) في الأصل: "حصول".

<<  <  ج: ص:  >  >>