للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِلْكِ غيرِه، ولا المُسَاعَدَةِ فيه. ولا يَلْزَمُ على هذا حَائِطُ السُّفْلِ، حيث يُجْبَرُ صَاحِبُه على بِنَائِه، مع اخْتِصَاصِه بِمِلْكِه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أن صَاحِبَ العُلْوِ مَلَكَهُ مُسْتَحِقًّا لإِبْقَائِه على حِيطَانِ السُّفْلِ دائمًا، فلَزِمَ صَاحِبَ السُّفْلِ تَمْكِينُه ممَّا يَسْتَحِقُّهُ، وطَرِيقُه البِنَاءُ، فلذلك وَجَبَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وإن أرادَ صَاحِبُ الحائِطِ بِنَاءَهُ، أو نَقْضَهُ بعد بِنَائِه، لم يكُنْ لِجَارِه مَنْعُه؛ لأنَّه مِلْكُه خاصَّةً. وإن أرَادَ جَارُه بِنَاءَهُ، أو نَقْضَه، أو التَّصَرُّفَ فيه، لم يَمْلِكْ ذلك؛ لأنَّه لا حَقَّ له فيه.

فصل: ومتى هَدَمَ أحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الحائِطَ المُشْتَرَكَ، أو السَّقْفَ الذي بينهما، نَظَرْتَ، فإن خِيفَ سُقُوطُه، وَوَجَبَ هَدْمُه، فلا شىءَ على هَادِمِه، ويكونُ كما لو انْهَدَمَ بِنَفْسِه؛ لأنَّه فَعَلَ الوَاجِبَ، وأزَالَ الضَّرَرَ الحاصِلَ بِسُقُوطِه، وإن هَدَمَهُ لغير ذلك، فعليه إِعَادَتُه سواءٌ هَدَمَهُ لِحَاجَةٍ أو غيرها، وسواءٌ الْتَزَمَ إعَادَتَهُ أو لم يَلْتَزِمْ؛ لأنَّ الضَّرَرَ حَصَلَ بِفِعْلِه، فلَزِمَهُ إعادتُه (٢٦).

فصل: فإن اتَّفَقَا على بِنَاءِ الحَائِطِ المُشْتَرَكِ بينهما نِصْفَيْنِ، ومِلْكُه بينهما الثُّلُثُ والثُّلُثَانِ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه يُصَالِحُ على بعضِ مِلْكِه ببعضٍ، فلم يَصِحَّ، كما لو أقَرَّ له بِدَارٍ فصَالَحَهُ على سُكْنَاها. ولو اتَّفَقَا على أن يُحَمِّلَهُ كل واحدٍ منهما ما شَاءَ، لم يَجُزْ؛ لِجَهَالَةِ الحِمْلِ فإنَّه يُحَمِّلُه من الأَثْقَالِ ما لا طَاقَةَ له بِحَمْلِه. وإن اتَّفَقَا على أن يكونَ بينهما نِصْفَيْنِ، جَازَ.

فصل: فإن كان بينهما نَهْرٌ، أو قَنَاةٌ، أو دُولَابٌ، أو نَاعُورَةٌ، أو عَيْنٌ، فَاحْتَاجَ إلى عِمَارَةٍ، ففى إجْبَارِ المُمْتَنِعِ منهما رِوَايَتَانِ. وحُكِىَ عن أبى حنيفةَ، أنَّه يُجْبَرُ هاهُنا على الإِنْفَاقِ؛ لأنَّه لا يتمكَّنُ شَرِيكُه من مُقَاسَمَتِه، فيَضُرُّ به، بِخِلَافِ الحائِطِ؛ فإنَّه يُمْكِنُهما قِسْمَةُ العَرْصَةِ. والأَوْلَى التَّسْوِيَةُ؛ لأنَّ في قِسْمَةِ العَرْصَةِ إضْرَارًا بهما (٢٧)،


(٢٦) في الأصل، أ: "إزالته" أي إزالة الضرر.
(٢٧) في أ: "لهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>