للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن اشْتراهُما رجلٌ، فله أن يفُرِّقَ بينهما إنْ شاءَ، أو يُقِرَّهما على النِّكاحِ. ولنا، أنَّ تَجَدُّدَ المِلْكِ فى الزَّوْجَيْن لرجلٍ لا يَقتَضِى جَوازَ الفَسْخِ، كما لو اشْتَرَى زَوجَيْن مُسْلِمَيْن. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بينَ الزَّوجَيْن فى القِسْمَةِ والبَيْعِ؛ لأنَّ الشرْعَ لم يَرِدْ بذلك.

فصل: إذا أسْلَمَ الحَرْبِىُّ فى دارِ الحَرْبِ، حُقِنَ مالُه ودَمُه وأولادُه الصِّغار من السَّبْىِ. وإنْ دخلَ دارَ الإِسلامِ فأسلمَ، وله أوْلادٌ صغارٌ فى دارِ الحَرْبِ، صارُوا مسلمين، ولم يَجُزْ سَبْيُهم. وبه قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ، والأوْزاعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: ما كانَ فى يدَيْهِ من مالِه ورَقيقِه ومَتاعِه وولدِه الصِّغارِ، تُرِكَ (١٤) له، وما كان من أمْوالِه بدارِ الحربِ، جازَ سَبْيُهم؛ لأنَّهم (١٥) لم يثْبُتْ إسْلامُهم بإسْلامِه، لاخْتلافِ الدَّارَيْن بينهم، ولهذا إذا سُبِىَ الطِّفلُ وأبَواهُ فى دارِ الكفرِ، لم يتْبَعْهُما، ويتْبَعُ سَابِيه فى الإِسلامِ، وما كان من أرضٍ أو دارٍ فهو فَىْءٌ، وكذلك زوجتُه إذا كانت كافِرَةً، وما فى بطْنِها فَىْءٌ. ولَنا، أنَّ أولادَه أولادُ مسلمٍ، فوَجَبَ أنْ يتْبَعُوه فى (١٦) الإِسلامِ، كما لو كانُوا معَهُ فى الدَّارِ، ولأنَّ مالَه مالُ مسلمٍ، فلا يجوزُ اغْتِنامُه، كما لو كان فى دارِ الإِسلام، وبذلك يُفارِقُ مالَ الْحَرْبِىِّ وأولادَه. وما ذكَرَه أبو حنيفة لا يَلْزَمُ؛ فإنَّنا نَجْعَلُه تَبَعًا للسَّابِى؛ لأنَّنا لا نَعْلَمُ بقاءَ أبَوَيْه، فأمَّا أولادُه الكبارُ، فلا يَعْصِمُهم؛ لأنَّهْم لا يتْبَعُونَه، ولا يَعْصِمُ زَوْجتَه لذلك، فإنْ سُبيَتْ صارَت رَقِيقًا، ولم ينْفَسِخْ نِكاحُه برِقِّها، ولكن يكونُ حُكْمُها فى النِّكاحِ وفَسْخِه حكمَ ما لو لم تُسْبَ، على ما مَرَّ فى نكاحِ المُشْرِكِ (١٧). فإنْ كانت حامِلًا من زوجِها، لَم يَجُزِ اسْترْقاقُ الحَمْلِ، وكان حُرًّا مسلمًا. وبه قال الشافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يُحْكَمُ برقِّهِ مع أُمِّه؛ لأنَّ ما سَرَى إليه العِتْقُ سَرَى إليه الرِّقُّ، كسائِرِ أعْضائِها. ولَنا، أَنَّه مَحْكومٌ بحُرِّيَّتِه وإسْلامِه، فلم يَجُزِ اسْتِرْقاقُه، كالمُنْفَصِلِ، ويُخالِفُ الأعْضاءَ؛ لأنَّها لا تنْفَرِدُ بحُكْمٍ عن الأصْلِ.

فصل: وإذا أسلَمَ الْحَرْبِىُّ فى دارِ الحربِ، وله مالٌ وعَقارٌ، أو دخلَ إليها مسلمٌ فابْتاعَ عَقارًا أو مالًا، فظهرَ المسلِمُون على مالِه وعَقارِه لم يَمْلِكُوه، وكان له. وبه قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ، وقال أبو حنيفة: يُغْنَمُ العَقارُ، وأمَّا غيرُه، فما كان في يَدِه أو يَدِ مسلمٍ، لم


(١٤) فى م: "وترك".
(١٥) فى ب، م: "لأنه".
(١٦) فى ب، م زيادة: "دار".
(١٧) فى م: "أهل الشرك".

<<  <  ج: ص:  >  >>