للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِعيالِه، فهو غَنِىٌّ، لا يُعْطَى من الصَّدَقةِ شيئا، وإن لم تَكْفِه، جاز له الأخْذُ منها قَدْرَ ما يُتِمُّ به الكفايةَ، وإن كَثُرَتْ قيمةُ ذلك. وقد تقدَّم ذكرُ ذلك فى الزَّكاةِ.

١٠٨٧ - مسألة؛ قال: (والْعَامِلينَ عَلَيْهَا (١)، وَهُمُ الْجُبَاةُ لَهَا، والْحَافِظُونَ لَهَا)

يعنى العامِلينَ على الزَّكاةِ، وهم الصِّنْفُ الثالثُ من أصْنافِ الزكاةِ، وهم السُّعَاةُ الذين يَبْعَثُهُم الإِمامُ لأَخْذِها من أرْبابِها، وجَمْعِها وحِفْظِها ونَقْلِها، ومَنْ يُعَيِّنُهُم مِمَّنْ يَسُوقُها ويَرْعاها ويَحْمِلُها، وكذلك الحاسِبُ والكاتِبُ والكَيَّالُ والوَزّانُ والعَدَّادُ، وكلُّ مَن يُحْتاجُ إليه فيها فإنَّه يُعْطَى أُجْرَتَه منها؛ لأنَّ ذلك من مُؤْنَتِها، فهو كعَلْفِها، وقد كان النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَبْعَثُ على الصدقةِ سُعاةً، ويُعْطِيهم عِمالَتَهم (٢)، فبَعَثَ عمرَ، ومُعاذًا، وأبا مُوسَى، ورَجُلًا من بنى مَخْزُومٍ، وابنَ اللُّتْبِيَّةِ، وغيرَهم (٣). وطَلَب منه ابنا عَمِّه الفَضْلُ ابن العباسِ، وعبدُ المطَّلِبِ بن رَبِيعةَ بن الحارثِ، أن يَبْعَثَهُما، فقالا: يا رسولَ اللَّه، لو بَعَثْتَنَا على هذه الصدقةِ، فنُصِيبَ ما يُصِيبُ الناسُ، ونُؤَدِّىَ إليك ما يُؤَدِّى الناسُ؟ فأبَى أن يَبْعَثَهُما، وقال: "إنَّ هذِهِ الصَّدَقَةَ أوْسَاخُ النَّاسِ" (٤). وهذه قِصَصٌ


(١) فى م: "على الزكاة".
(٢) فى م: "عملاتهم".
(٣) انظر التخريج الذى تقدم فى: ٤/ ١٠٧، ١٠٨. وأضف إليه: ما أخرجه البخارى، فى: باب قول اللَّه تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} ومحاسبة المصدقين مع الإِمام، من كتاب الزكاة، وفى: باب احتيال العامل ليهدى، من كتاب الحيل، وفى: باب هدايا العمال، وفى: باب محاسبة الإِمام عماله، من كتاب الأحكام، وفى: باب من لم يقبل الهدية لعلة. . .، من كتاب الهبة. صحيح البخارى ٢/ ١٦٠، ٩/ ٣٦، ٨٨، ٩٥، ٢٠٨، ٢٠٩. والنسائى، فى: باب من آتاه اللَّه عز وجل مالًا من غير مسألة، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٧٧، ٧٨. والدارمى، فى: باب ما يهدى لعمال الصدقة لمن هو، من كتاب الزكاة، وفى: باب فى العامل إذا أصاب فى عمله شيئا، من كتاب السير. سنن الدارمى ١/ ٣٩٤، ٢/ ٢٣٢. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ١٧، ٤٠، ٥/ ٤٢٣.
(٤) تقدم تخريجه فى: ٤/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>