للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَوْلِ. وقولُهم: إنَّها صِلَةٌ. قُلْنا: بل هي عِوَضٌ عن التَّمْكينِ، وقد فاتَ (١٢) التَّمْكِينُ. وذكرَ القاضي، أنَّ زَوْجَ الوَثَنيَّةِ والمَجُوسِيَّةِ، إذا دَفَعَ إليها نَفقةَ سنَتَيْنِ، ثم بانَتْ بإسْلامِه، فإن لم يكُنْ أعْلَمَها أنَّها نَفقةٌ عَجّلَها لها (١٣)، لم يَرْجِعْ عليها؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنَّه تَطَوَّعَ بها، وإن أعْلَمَها ذلك، انْبَنَى على مُعَجِّلِ الزَّكاةِ إذا أعْلَمَ (١٤) الفقيرَ أنَّها زكاةٌ مُعَجَّلةٌ ثم تَلِفَ المالُ، وفي الرُّجُوعِ بها وَجْهان، كذلك ههُنا. وكذلك يَنْبَغِى أن يكونَ في سائرِ الصُّوَرِ مثلُ هذا؛ لأنَّه تَبَرَّعَ بدَفْعِ ما لا يَلْزَمُه مِن (١٥) غيرِ إعْلامِ الآخِذِ بتَعْجِيلِه، فلم يَرْجِعْ به، كمُعَجِّلِ الزكاةِ. ولو سَلَّمَ إليها نَفقةَ اليومِ، فسُرِقَتْ أو تَلِفَتْ، لم يَلْزَمْه عِوَضُها؛ لأنَّه بَرِئَ من الواجِبِ بدَفْعِه، فأشْبَهَ ما لو تَلِفَتِ الزَّكاةُ بعدَ قَبْضِ السَّاعِى لها، أو الدَّيْنَ بعد أخْذِ صاحِبِه له.

فصل: وإذا دَفَعَ إليها نَفقتَها، فلها أن تتَصَّرفَ فيها بما أحَبَّتْ، من الصَّدَقةِ والهِبَةِ والمُعاوضةِ، ما لم يَعُدْ ذلك عليها بضَرَرٍ في بَدَنِها، وضَعْفٍ في جِسْمِها؛ لأنَّه حَقٌّ لها، فلها التصرُّفُ فيه بما شاءَتْ كالمَهْرِ، وليس لها التَّصَرُّفُ فيها على وَجْهٍ يَضُرُّ بها؛ لأنَّ فيه تَفْوِيتَ حَقِّه منها، ونَقْصًا في اسْتِمْتاعِه بها.

فصل: وعليه دَفْعُ الكُسْوةِ إليها في كلِّ عامٍ مَرّةً؛ لأنَّه (١٦) العادةُ، ويكونُ الدَّفْعُ إليها في أَوَّلِه؛ لأنَّه أوَّلُ وقتِ الوُجُوبِ. فإن بَلِيَتِ الكُسْوةُ في الوقتِ الذي يَبْلَى فيه مثلُها، لَزِمَه أن يَدْفَعَ إليها كُسْوةً أُخْرَى؛ لأنَّ ذلك وقتُ الحاجةِ إليها، وإن بَلِيَتْ قبلَ ذلك، لكثرةِ دُخُولِها وخُرُوجِها واسْتِعْمالِها (١٧)، لم يَلْزَمْه إبْدالُها؛ لأنَّه ليس بوقتِ الحاجةِ إلى الكُسْوةِ في العُرْفِ. وإن مَضَى الزَّمانُ الذي تَبْلَى في مثله بالاسْتِعْمالِ المُعْتادِ ولم


(١٢) في ب: "فاته".
(١٣) سقط من: الأصل.
(١٤) في ب: "علم".
(١٥) سقط من: أ، م.
(١٦) في أ، م: "لأنها".
(١٧) في ب، م: "أو استعمالها".

<<  <  ج: ص:  >  >>