للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكَرُوه، فيَنْبغِي أنْ يَنْقُصَ أدْنَى ما تَحْصُلُ به المُساواةُ المحْذُورةُ، ويجبُ الباقي، عَمَلًا بالدَّليلِ المُوجِبِ له. واللهُ أعلمُ.

فصل: ولا يكون التَّقْويمُ إلَّا بعدَ بُرْءِ الجُرْحِ؛ لأنَّ أرْشَ الجُرْحِ المُقَدَّرَ إنَّما يسْتَقِرُّ بعدَ بُرْئِه، فإنْ لم تَنْقُصْه الجنايةُ شيئًا بعدَ البُرْءِ، مثل أن قطَعَ إصْبَعًا أو يَدًا زائدةً، أو قلَعَ لِحْيَةَ امرأةٍ، فلم يَنْقُصْهُ ذلك، بل زادَه حُسْنًا، فلا شىءَ على الجانِي؛ لأنَّ الحُكومةَ لأجلِ جَبْرِ النَّقْصِ، ولا نَقْصَ ههُنا، فأشْبَهَ ما لو لطَمَ وَجْهَه فلم يُؤَثِّرْ، وإن زادَتْهُ الجنايةُ حُسْنًا، فالجاني مُحْسِنٌ بجنايَتِه، فلم يَضْمَنْ، كما لو قطَعَ سَلْعَةً أو ثُؤْلُولًا، أو بَطَّ (٥) خُرَاجًا (٦). ويَحْتَمِلُ أن يَضْمَنَ. قال القاضي: نَصَّ أحمدُ على هذا؛ لأنَّ هذا جُزْءٌ من (٧) مَضْمُونٍ، فلم يَعْرَ عن ضَمانٍ، كما لو أتْلَفَ مُقَدَّرَ الأرْشِ فازْدادَ به جمالًا، أو لم يَنْقُصْه شيئًا، فعلى هذا يُقَوَّمُ في أقْرَبِ الأحْوالِ إلى البُرْءِ؛ لأنَّه لما سَقطَ اعْتبارُ قِيمَتِه بَعْدَ (٨) بُرْئِه، قُوِّمَ في أقْربِ الأحْوالِ إليه، كولدِ المَغْرُورِ، لمَّا تَعَذَّرَ تَقْويمُه في البطنِ، قُوِّمَ عندَ الوَضْعِ؛ لأنَّه أقْرَبُ الأحْوالِ التي أمْكَنَ تَقْوِيمُه إلى كَوْنِه في البَطْنِ. وإنْ لم يَنْقُصْ في تلكَ الحالِ، قُوِّمَ والدَّمُ جَارٍ؛ لأنَّه لا بُدَّ من نَقْصٍ للخَوْفِ عليه. ذكَره القاضي. ولأصْحابِ الشَّافعىِّ وَجْهانِ، كما ذكرْنا. وتُقوَّمُ لِحْيَةُ المرأةِ كأنَّها لِحْيَةُ رجُلٍ في حالٍ يَنْقُصُه ذَهابُ لِحْيَتِه. وإنْ أتْلَفَ سِنًّا زائدةً، قُوِّمَ وليس له سِنٌّ زائدةٌ (٧)، ولا خلَفها أصْلِيَّةٌ، ثمَّ يُقَوَّمُ وقدْ ذهبت الزَّائدةُ. فإنْ كانت المرأةُ إذا قدَّرْنَاها ابنَ عشرين نَقَصَها ذَهابُ لِحْيَتِها يَسِيرًا، وإنْ قَدَّرْناها ابنَ أربعينَ نقَصَها كثيرًا، قَدَّرْناها ابنَ عشرين؛ لأنَّه أقْرَبُ الأحْوالِ إلى حالِ الْمَجْنِيِّ عليه، فأشْبَهَ تَقْوِيمَ الجُرْحِ الذي لا يَنْقُصُ بعدَ الانْدِمالِ، فإنَّا نُقَوِّمُه في أقْرَبِ [الأحْوَالِ إلى] (٩) النَّقْصِ إلى حالِ الانْدِمالِ.


(٥) في م: "وبط".
(٦) في الأصل، ب: "جراحا".
(٧) سقط من: ب، م.
(٨) في ب: "عند".
(٩) في ب، م: "أحوال".

<<  <  ج: ص:  >  >>