للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتابُ الشَّرِكَةِ

الشَّرِكَةُ: هي الاجْتِماعُ في اسْتِحْقاقٍ أو تَصَرُّفٍ. وهى ثَابِتَةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْماعِ؛ أمَّا الكِتابُ فقولُ اللهِ تعالى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (١). وقال اللهُ تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} (٢). والخُلَطَاءُ هم الشُّرَكاءُ. ومن السُّنَّةِ، ما رُوِىَ أنَّ البَراءَ بن عازِبٍ وزيدَ بن أَرْقَمْ كانا شَرِيكَيْنِ، فاشْتَرَيَا فِضَّةً بِنَقْدٍ ونَسِيئَةٍ، فبَلَغَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَمَرَهُمَا أنَّ ما كان بِنَقْدٍ فأَجِيزُوه، وما كان نَسِيئَةً فَرُدُّوه (٣). ورُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "يَقُولُ اللهُ: أنا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أحَدُهُما صَاحِبَهُ، فإذَا خَانَ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا". رواه أبو داودَ (٤). ورُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "يَدُ اللهِ عَلى الشَّرِيكيْنِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا" (٥). وأَجْمَعَ المسلِمونَ على جَوَازِ الشَّرِكَةِ في الجُمْلَةِ، وإنَّما اخْتَلَفُوا في أنْواعٍ منها نُبَيِّنُها إنْ شاء اللهُ تعالى.

والشَّرِكَةُ على ضَرْبَيْنِ: شَرِكَةُ أَمْلاكٍ، وشَرِكَةُ عُقُودٍ. وهذا البابُ لِشَرِكَةِ العُقُودِ. وهى أنْواعٌ خَمْسَةٌ؛ شَرِكَةُ العِنَانِ، والأَبْدَانِ، والوُجُوهِ، والمُضَارَبَةِ، والمُفَاوَضَةِ. ولا يَصِحُّ شيءٌ منها إلَّا من جَائِزِ التَّصَرُّفِ؛ لأنَّه عَقْدٌ على التَّصَرُّفِ في المالِ فلم يَصِحَّ من غير جائِزِ التَّصَرُّفِ في المالِ، كالبَيْعِ.

فصل: قال أحمدُ: يُشَارَكُ اليَهُودِىُّ والنَّصْرَانِىُّ، ولكنْ لا يَخْلُو اليَهُودِىُّ


(١) سورة النساء ١٢.
(٢) سورة ص ٢٤.
(٣) أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣٧١.
(٤) في: باب في الشركة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٢٩.
(٥) أخرجه الدارقطني، في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني ٣/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>