للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنَّصْرَانِىُّ بالمالِ دُونَه، ويكونُ (٦) هو الذي يَلِيه؛ لأنَّه يَعْمَلُ بالرِّبَا. وبهذا قال الحَسَنُ والثَّوْرِىُّ. وكَرِهَ الشَّافِعِىُّ مُشَارَكَتَهُم مُطْلَقًا؛ لأنَّه رُوِىَ عن عبدِ اللَّه بن عَبّاسٍ، أنَّه قال: أكْرَهُ أنْ يُشَارِكَ المُسْلِمُ اليَهُودِىَّ. ولا يُعْرَفُ له مُخالِفٌ [في الصَّحابةِ] (٧)، ولأنَّ مالَ اليَهُودِىِّ والنَّصْرانِىِّ ليس بِطَيِّبٍ، فإنَّهم يَبِيعُونَ الخَمْرَ، ويَتَعَامَلُونَ بالرِّبَا، فكُرِهَتْ مُعامَلَتُهم. ولَنا، ما رَوَى الخَلَّالُ بإسْنادِه، عن عَطَاءٍ قال: نَهَى رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مُشَارَكَةِ اليَهُودِىِّ والنَّصْرَانِىِّ، إلَّا أنْ يكونَ الشِّرَاءُ والبَيْعُ بِيَدِ المُسْلِمِ (٨). ولأنَّ العِلَّةَ في كَرَاهَةِ ما خَلَوا به، مُعَامَلَتُهم بالرِّبَا، وبَيْعُ الخَمْرِ والخِنْزِيرِ، وهذا مُنْتَفٍ فيما حَضَرَهُ المُسْلِمُ أو وَلِيَهُ. وقولُ ابن عَبّاسٍ مَحْمُولٌ على هذا، فإنَّه عَلَّلَ بِكَوْنِهِم يُرْبُونَ. كذلك رَوَاهُ الأَثْرَمُ، عن أبي حَمْزَةَ عن ابن عَبَّاسٍ، أنَّه قال: لا تُشَارِكَنَّ يَهُودِيًّا ولا نَصْرَانِيًّا ولا مَجُوسِيًّا؛ لأنَّهم يُرْبُونَ، وأنَّ الرِّبا لا يَحِلُّ (٩). وهو قولُ واحِدٍ من الصَّحَابةِ لم يَثْبُتْ انْتِشَارُه بينهم، وهم لا يَحْتَجُّونَ به. وقولُهم: إن أمْوالَهُم غيرُ طَيِّبةٍ. لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قد عَامَلَهم، ورَهَنَ دِرْعَهُ عند يَهُودِىٍّ على شَعِيرٍ أخَذَهُ لأَهْلِه (١٠)، وأرْسَلَ إلى آخَرَ يَطْلُبُ منه ثَوْبَيْنِ إلى المَيْسَرَةِ (١٠)، وأضَافَهُ يَهُودِىٌّ بِخُبْزٍ وإهَالَةٍ سَنِخَةٍ (١١). ولا يَأْكُلُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما ليس بِطَيِّبٍ، وما بَاعُوهُ من الخَمْرِ والخِنْزِيرِ قبلَ مُشَارَكَةِ المُسْلِمِ، فثَمَنُه حَلَالٌ، لِاعْتِقَادِهم حِلَّه، ولهذا قال عمرُ بن الخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّه عنه: وَلُّوهُمْ بَيْعَها وخُذُوا أثْمَانَها. فأمَّا ما يَشْتَرِيهِ أو يَبِيعُه من الخَمْرِ بمالِ الشَّرِكَةِ أو


(٦) سقطت واو العطف من: الأصل، أ، ب.
(٧) سقط من: أ.
(٨) وأخرجه ابن أبي شيبة موقوفا، في: باب مشاركة اليهودى والنصرانى، من كتاب البيوع. المصنف ٦/ ٩.
(٩) وأخرجه البيهقي، في: باب كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا. . .، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥/ ٣٣٥. وابن أبي شيبة، في: باب مشاركة اليهودى والنصرانى، من كتاب البيوع. المصنف ٦/ ٨.
(١٠) تقدم التخريج في: ٦/ ٣٧٥.
(١١) إهالة سنخة: ألية متغيرة الرائحة من طول المكث.
وتقدم التخريج في: ٦/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>