للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ليس بمُزَفَّتٍ، فيتَشَرُّب أجْزاءَ النجاسة، فلا يطْهُر بالتَّطْهِير، فَإنَه متَى تُرِكَ فيه مائِعٌ أظْهرَ (٤٢) فيه طَعْمَ الخمرِ ولَوْنَه.

٩ - مسألة؛ قال: (وِإذَا كَانَ مَعَهُ فِي السَّفَرِ إِناءَانِ؛ نَجِسٌ وطَاهِرُ، واشْتَبَهَا عَلَيْهِ، أَرَاقَهُمَا، ويَتَيمَّم).

إنَّما خَصَّ حالةَ السفرِ بهذه المسألة؛ لأنها الحالةُ التي يجوز التَّيَمُّمُ فيها، ويُعْدَمُ فيها الماءُ غالِبًا، وأراد: إذا لم يجدْ ماءً غيرَ الإِناءَيْن المُشْتَبِهَيْن، فإنَّه متى وجدَ ماءً طَهُورًا غيرَهما توَضَّأ به، ولم يَجُزِ التَّحَرِّى ولا التَّيَمُّمُ، بغيرِ خلافٍ.

ولا تخلُو الآنِيَةُ المُشْتَبِهَة مِن حالَيْن:

أحدهما، أن لا يَزِيد عددُ الطاهِر علَى النَّجِسِ، فلا خِلافَ في المذهبِ أنه لا يجوزُ التَّحَرِّى فيهما.

والثانى، أن يكثُرَ عددُ الطاهر (١)؛ فذهب أبو عليٍّ النَّجَّادُ (٢)، مِن أصحابِنا، إلى جَوازِ التَّحَرِّى فيها. وهو مذهبُ أبى حنيفة؛ لأنَّ الظاهرَ إصابةُ الطاهِرِ، لأنَّ جِهَة (٣) الإِباحةِ قد ترجَّحتْ، فجاز التَّحَرِّى، كما لو اشْتَبَهتْ عليه أُخْتُه في نِسَاءِ مِصْرٍ.

وظاهرُ كلام أحمد: أنه لا يجوزُ التَّحَرِّى فيها بحالٍ. وهو قَوْلُ أكثرِ أصحابِه (٤). وقولُ المُزَنِىِّ (٥)، وأبى ثَوْرٍ.

وقال الشافعيُّ: يتَحَرَّى، ويتَوَضَّأُ بالأغْلبِ عندَه في الحالَين؛ لأنه شَرْطٌ


(٤٢) في أ، م: "ظهر".
(١) في م: "الطاهرات".
(٢) أبو على الحسين بن عبد اللَّه النجاد الصغير البغدادي، كان فقيها معظما، إماما في أصول الدين وفروعه، توفى سنة ستين وثلاثمائة. طبقات الحنابلة ٢/ ١٤٠ - ١٤٢، العبر ٢/ ٣٢١.
(٣) في الأصل: "حجة".
(٤) في الأصل: "الصحابة".
(٥) أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني، صاحب الإمام الشافعي، وناصر مذهبه، وصاحب المختصر، توفى سنة أربع وستين ومائتين. طبقات الشافعية الكبرى ٢/ ٩٣ - ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>