للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَرَضُ صَاحِبِها، وفي الشَّاةِ تَلِفَ جَمِيعُها؛ لأنَّ الاعْتِبَارَ في الإِتْلَافِ بالمَجْنِيِّ عليه، لا بِغَرَضِ صَاحِبِه؛ لأنَّ هذا إن لم يَصْلُحْ لهذا صَلَحَ لِغَيْرِه.

فصل: وقَدْرُ الأَرْشِ قَدْرُ (٢٣) نَقْصِ القِيمَةِ في جَمِيعِ الأَعْيانِ. وبهذا قال الشّافِعِيُّ. وعن أحمدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّ عَيْنَ الدّابّةِ تُضْمَنُ بِرُبْعِ قِيمَتِها. فإنَّه قال، في رِوَايَةِ أبي الحارِثِ، في رَجُلٍ فَقَأَ عَيْنَ دَابَّةٍ لِرَجُلٍ: عليه رُبْعُ قِيمَتِهَا. قيل له: فَقَأَ العَيْنَيْنِ؟ فقال: إذا كانت واحِدَةً، فقال عُمَرُ رُبْعُ القِيمَةِ، وأمَّا العَيْنانِ فما سَمِعْتُ فيهما شَيْئًا. قيل له: فإن كان بَعِيرًا أو بَقَرَةً أو شَاةً؟ فقال: هذا غيرُ الدَّابَّةِ، هذا يُنْتَفَعُ بِلَحْمِه، يُنْظَرُ ما نَقَصَها. وهذا يَدُلُّ على أنَّ أحمدَ إنَّما أَوْجَبَ مِقْدارًا (٢٤) في العَيْنِ الواحِدَةِ من الدّابّةِ، وهى الفَرَسُ والبَغْلُ والحِمَارُ خَاصَّةً لِلْأَثَرِ الوارِدِ فيه، وما عَدَا هذا يُرْجَعُ إلى القِيَاسِ. واحْتَجَّ أصْحَابُنَا لهذه الرِّوَايَةِ، بما رَوَى زيدُ بن ثابِتٍ، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى في عَيْنِ الدّابَّةِ بِرُبْعِ قِيمَتِها (٢٥). ورُوِىَ (٢٦) عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه كَتَبَ إلى شُرَيْحٍ لمَّا كَتَبَ إليه يَسْأَلُه عن عَيْنِ الدّابّةِ: إنَّا كُنَّا نُنْزِلُها مَنْزِلَةَ الآدَمِىِّ، إلَّا أنَّه أَجْمَعَ رَأْيُنا أن قِيمَتَها رُبْعُ الثَّمَنِ. وهذا إِجْمَاعٌ يُقَدَّمُ على القِيَاسِ. ذكَرَ هذَيْنِ أبو الخَطَّابِ في "رُؤُوسِ المَسَائِلِ". وقال أبو حنيفةَ: إذا قَلَعَ عَيْنَ بَهِيمَةٍ يُنْتَفَعُ بها من وِجْهَتَيْنِ، كالدَّابّةِ والبَعِيرِ والبَقَرَةِ، وَجَبَ نِصْفُ قِيمَتِها، وفي إِحْدَاهُما رُبْعُ قِيمَتِها؛ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّه عنه: أَجْمَعَ رَأْيُنَا على أنَّ قِيمَتَها رُبْعُ الثَّمَنِ. وَرُوِىَ عن أحمَدَ، في العَبْدِ، أنَّه يُضْمَنُ في الغَصْبِ بما يُضْمَنُ به في الجِنَايَةِ؛ ففى يَدِه نِصْفُ قِيمَتِه، وفي مُوضِحَتِه نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِه، وهذا قولُ بعض (٢٧) أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه ضَمَانٌ لأَبْعَاضِ


(٢٣) سقط من: م.
(٢٤) في الأصل، ب: "مقدرا".
(٢٥) ذكره الهيثمي، في: باب الديات في الأعضاء وغيرها، من كتاب الديات. مجمع الزوائد ٦/ ٢٩٨. والزيلعي، في: باب جناية البهيمة والجناية عليها، من كتاب الديات. نصب الراية ٤/ ٣٨٨.
(٢٦) في م: "وقد روى".
(٢٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>