للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا شَهادةَ له. ومَن كانت صِناعتُه يَكْثُرُ فيها الرِّبَا، كالصَّائغِ والصَّيْرَفِىِّ، ولم يَتَوَقَّ ذلك، رُدَّتْ شهادتُه.

فصل: فى اللَّعبِ: كلُّ لعِبٍ فيه قِمارٌ، فهو مُحَرَّمٌ، أىَّ لَعِبٍ كان (٢٨)، وهو مِن المَيْسِرِ الذى أمرَ اللَّهُ تعالى باجْتنابِه، ومَن تكرَّرَ منه ذلك رُدَّتْ شهادتُه. وما خَلا من الْقِمارِ، وهو اللَّعِبُ الذى لا عِوَضَ فيه من الجانِبيْنِ، ولا مِن أحدِهما، فمِنه ما هو مُحرَّمٌ، ومنه ما هو مُباحٌ؛ فأمَّا المُحرَّمُ فاللَّعبُ بالنَّرْدِ (٢٩). وهذا قولُ أبى حنيفةَ، وأكثرِ أصحابِ الشَّافعىِّ. وقال بعضُهم: هو مَكْروهٌ، غيرُ مُحرَّمٍ. ولَنا، ما رَوَى أبو موسى، قال: سمِعتُ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول (٣٠): "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ". وروَى بُرَيْدَةُ، أَنَّ النَّبِى -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ، فَكَأَنَّما غَمَسَ يَدَهُ فِى لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَدَمِهِ". روَاهما أبو داودَ (٣١). وكان سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ إذا مَرَّ على أصحابِ النَّرْدَشِيرِ، لم يُسلِّمْ عليهم. إذا ثَبَتَ هذا، فمَن تكرَّرَ منه اللَّعِبُ به (٣٢)، لم تُقْبَلْ [له شهادةٌ] (٣٣)، سواءٌ لعِبَ به قِمارًا أو غيرَ قِمارٍ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، ومالكٍ، وظاهرُ مذهبِ الشافعىِّ. قال مالكٌ: مَن لَعِبَ بالنَّرْدِ والشِّطرَنْجِ، فلا أرَى شهادتَه طائِلةً؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} (٣٤). وهذا ليس مِن الحقِّ، فيكونُ من الضَّلالِ.


(٢٨) سقط من: الأصل.
(٢٩) فى الأصل، أ، ب زيادة: "محرم".
(٣٠) فى م: "قال".
(٣١) فى: باب فى النهى عن اللعب بالنرد، من كتاب الأدب. سنن أبى داود ٢/ ٥٨٢.
كما أخرجهما ابن ماجه، فى: باب اللعب بالنرد، من كتاب الأدب. سنن ابن ماجه ٢/ ١٢٣٧، ١٢٣٨.
كما أخرج الأول الإمام مالك، فى: باب ما جاء فى النرد، من كتاب الرؤيا. الموطأ ٢/ ٩٥٨. والإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٣٩٤، ٣٩٧، ٤٠٠. والحاكم، فى: كتاب الإِيمان. المستدرك ١/ ٥٠.
وأخرج الثانى أيضًا مسلم، فى: باب تحريم اللعب بالنردشير، من كتاب الشعر. صحيح مسلم ٤/ ١٧٧٠. والإمام أحمد، فى: المسند ٥/ ٣٥٢، ٣٥٧، ٣٦١.
(٣٢) سقط من: أ.
(٣٣) فى م: "شهادته".
(٣٤) سورة يونس ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>