للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَبَرَ يُقْبَلُ فيه قَوْلُ المُخْبِرِ مع وُجُودِ المُخْبَرِ عنه، وفُلَانٌ عن فُلَانٍ، وهذا لا يُقْبَلُ فيه ذلك، فافْتَرَقَا.

فصل: ولا يُقْبَلُ فيه شَهادَةُ رَجُلٍ وامْرَأتَيْنِ، ولا شَهادَةُ النِّساءِ المُنْفَرِداتِ وإن كَثُرْنَ، وكذلك سائِرُ الشُّهُورِ؛ لأنَّه ممَّا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ، وليس بمالٍ، ولا يُقْصَدُ به المالُ، فأشْبَهَ القِصَاصَ، وكان القِيَاسُ يَقْتَضِي مِثْلَ ذلك في رمضانَ، لكنْ تَرَكْنَاهُ احْتِياطًا لِلْعِبَادَةِ.

فصل: وإذا صامُوا بِشَهادَةِ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ولم يَرَوْا هِلالَ شَوَّال، أَفْطَرُوا وَجْهًا وَاحِدًا. وإن صَامُوا بِشَهادَةِ وَاحِدٍ، فلم يَرَوُا الهِلالَ، ففيه وَجْهَانِ؛ أحَدُهما، لا يُفْطِرُونَ؛ لِقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "وَإنْ شَهِدَ اثْنَانِ فَصُومُوا وَأفْطِرُوا" (٣). ولأنَّه فِطْرٌ، فلم يَجُزْ أن يَسْتَنِدَ إلى شَهادَةِ واحِدٍ، كما لو شَهِدَ بِهِلالِ شَوَّال. والثاني، يُفْطِرُونَ. وهو مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ، ويُحْكَى عن أبي حنيفةَ؛ لأنَّ الصومَ إذا وجَبَ، وَجَبَ الفِطْرُ لِاسْتِكمَالِ العِدَّةِ، لا (٤) بالشَّهادَةِ، وقد يَثْبُتُ تَبَعًا ما لا يَثْبُتُ أصْلًا، بِدَلِيلِ أنَّ النَّسَبَ لا يَثْبُتُ بِشَهادَةِ النِّساءِ، وتَثْبُتُ بها الوِلادَةُ، فإذا ثَبَتَتِ الوِلَادَةُ ثَبَتَ النَّسَبُ على وَجْهِ التَّبعِ لِلْوِلَادَةِ، كذا هاهُنا. وإن صَامُوا لأجْلِ الغَيْمِ لم يُفْطِرُوا وَجْهًا وَاحِدًا؛ لأنَّ الصَّوْمَ إنَّما كان على وَجْهِ الاحْتِياطِ، فلا يجوزُ الخُرُوجُ منه بمثلِ ذلك، واللهُ أعلمُ.

٥١٦ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُفْطِرُ إذَا رَآهُ وَحْدهُ)

وَرُوِيَ هذا عن مالِكٍ، واللَّيْثِ. وقال الشَّافِعِيُّ: يَحِلُّ له أنْ يَأْكُلَ حيثُ لا يَرَاهُ أحَدٌ؛ لأنَّه يَتَيَقَّنُه من شَوَّال، فجازَ له الأكْلُ، كما لو قامَتْ به بَيِّنَةٌ. ولَنا، ما رَوَى أبو رَجاء عن أبي قِلابَةَ، أنَّ رَجُلَيْنِ قَدِمَا المَدِينَةَ، وقد رَأَيَا الهِلالَ، وقد


(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٤١٧.
(٤) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>