للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدَه بعدَ خُرُوجِ الوَقْتِ، فلا إعَادَةَ عليه إجْمَاعًا. قال أبو بكر بنُ المُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ على أنَّ مَنْ تَيَمَّمَ وصَلَّى، ثم وَجَدَ الماءَ بعدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، أنْ لا إعَادَةَ عليه. وإنْ وَجَدَهُ في الوَقْتِ، لم يَلْزَمْه أيضًا إعَادَةٌ، سَوَاءٌ يَئِسَ مِنْ وُجُودِ الماءِ في الوَقْتِ، أو غَلَبَ على ظَنِّه وُجُودُه فيه. وبهذا قال أبو سَلَمةَ (١)، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاق، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال عَطَاء، وطَاوُس، والقاسِمُ بنُ محمد، ومَكْحُولٌ، وابنُ سِيرِينَ، والزُّهْرِىُّ، ورَبِيعةُ: يُعِيدُ الصلاةَ. ولَنا، ما رَوَى أبو داود، عن أبي سعيدٍ، أنَّ رَجُلَيْنِ خرجا في سَفَرٍ، فحضرتِ الصلاةُ، وليس معهما ماءٌ، فَتَيَّمَمَا صَعِيدًا، فَصَلَّيَا، ثم وَجَدَا الماءَ في الوَقْتِ، فأَعَادَ أحَدُهما الوُضُوءَ والصَّلَاةَ ولم يُعِدِ الآخَرُ، ثم أتيا رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكرا له ذلك، فقال للذى لم يُعِدْ: "أَصَبْتَ السُّنَّةَ، وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ". وقال للذى أعاد: "لَكَ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ (٢) ". واحْتَجَّ أحمدُ بأنَّ ابنَ عُمَر تَيَمَّمَ، وهو يَرَى بُيُوتَ المَدِينَةِ، فصَلَّى العَصْرَ، ثم دخلَ المدينةَ والشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فلم يُعِدْ، ولأنَّه أَدَّى فَرْضَه كما أُمِرَ، فلم يَلْزَمْهُ الإِعَادَةُ، كما لو وجدَهُ بعدَ الوَقْتِ، ولأنَّ عَدَمَ الماءِ عُذْرٌ مُعْتَادٌ، فإذا تَيَمَّمَ معه يَجِبُ أنْ يُسْقِطَ فَرْضَ الصَّلَاةِ كالمَرَضِ، ولأنَّه أَسْقَطَ فَرْضَ الصَّلَاةِ، فلم يَعُدْ إلَى ذِمَّتِه، كما لو وَجَدَهُ بعدَ الوَقْتِ.

٦٧ - مسألة؛ قال: (والتَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ وَاحِدةٌ)

المَسْنُونُ عندَ أحمد التَّيَمُمُ بِضَرْبَةٍ واحِدَةٍ. فإنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ جازَ. وقال القاضي: الإِجْزَاءُ يَحْصُلُ بضَرْبَةٍ، والكَمَالُ ضَرْبَتان. والمَنْصُوصُ ما ذَكَرْنَاه، قال


(١) أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، من فقهاء التابعين في المدينة، قال يحيى بن معين: مات أبو سلمة سنة أربع وتسعين. وقال الواقدى: سنة أربع ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي ٦١.
(٢) أخرجه أبو داود، في: باب في المتيمم يجد الماء بعدما يصلى في الوقت، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٨٢. والنسائي، في: باب التيمم لمن لم يجد الماء بعد الصلاة، من كتاب الغسل. المجتبى ١/ ١٧٤. والدارمى، في: باب التيمم، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>