للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَثْرَمُ: قلتُ لأبي عبدِ اللَّه: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ؟ فقال: نَعَمْ، ضَرْبَةٌ لِلوَجْهِ والكَفَّيْنِ، ومَنْ قال ضَرْبَتَيْنِ، فإِنَّما هو شَىءٌ زَادَهُ. قال التِّرْمِذِىُّ (١): وهو قولُ غيرِ واحِدٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أصْحابِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وغَيْرِهم؛ مِنْهُم: علىّ، وعَمَّار، وابنُ عَبَّاسٍ، وعَطَاء، والشَّعْبِىُّ، ومَكْحُول، والأوْزَاعِىّ، ومالِك، وإسْحَاق. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يُجْزِىءُ التَّيَمُّمُ إلَّا بِضَرْبَتَيْنِ لِلْوَجْهِ واليَدَيْنِ إلى المِرْفَقَيْنِ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عُمَر، وابْنِهِ سَالِم (٢)، والحسنِ، والثَّوْرِىِّ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ؛ لما رَوَى ابنُ الصِّمَّةِ (٣)، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَيَمَّمَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وذِرَاعَيْهِ (٤). ورَوَى ابنُ عُمَر، وجَابِر، وأبو أُمَامَة، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى المِرْفَقَيْنِ (٥) ". ولأنَّه بَدَلٌ يُؤْتَى به في مَحَلِّ مُبْدَلِهِ، وكانَ حَدُّهُ عنهما واحِدًا كالوَجْهِ. ولَنا، ما رَوَى عَمَّار، قالَ: بَعَثَنِى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حاجةٍ، فأَجْنَبْتُ، فلم أَجِد الماءَ، فتَمَرَّغْتُ في الصَّعِيدِ كما تَمَرَّغُ الدَّابةُ، ثم أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكرتُ


(١) عارضة الأحوذى ١/ ٢٤٠.
(٢) أبو عمر سالم بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب. من فقهاء التابعين في المدينة، كان إليه الأمر بعد سعيد بن المسيب، توفى سنة ست ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي ٦٢.
(٣) هو أبو الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري الصحابى، وكان أبوه من كبار الصحابة. أسد الغابة ٦/ ٥٩، ٦٠.
(٤) أخرجه البخاري، في: باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة، من كتاب التيمم. صحيح البخاري ١/ ٩٢. ومسلم، في: باب التيمم، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٨١. وأبو داود، في: باب في التيمم في الحضر، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٧٩. والدارقطني، في: باب التيمم، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ١٧٦، ١٧٧. والبيهقي، في: باب كيف التيمم، من كتاب الطهارة. السنن الكبرى ١/ ٢٠٥. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ١٦٩.
(٥) حديث ابن عمر أخرجه الحاكم في: كتاب الطهارة. المستدرك ١/ ١٧٩، ١٨٠. والدارقطني، في: باب التيمم، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ١٨٠ - ١٨٢. والبيهقي، في: باب كيف التيمم، من كتاب الطهارة. سنن البيهقي ١/ ٢٠٧. وكذلك أخرج الثلاثة السابقون حديث جابر، في المواضع السابقة: المستدرك ١/ ١٨٠، وسنن الدارقطني ١/ ١٨١، ١٨٢، وسنن البيهقي ١/ ٢٠٧. كما أخرج الدارقطني عن على أيضًا: "ضربة للوجه وضربة للذراعين". سنن الدارقطني ١/ ١٨٢. أما حديث أبي أمامة، فلم يذكره أحد ممن راجعنا كتبهم، وذكر الزيلعي في نصب الراية ١/ ١٥١ مكانه حديث عائشة، وقال: رواه البزار في مسنده. وانظر: باب ما جاء في التيمم، من أبواب الطهارة من سنن الترمذي. عارضة الأحوذى ١/ ٢٤٠. وباب في التيمم في الحضر، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>