للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَرَاهِمَ والآخَرُ دَنَانِيرَ. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال الحَسَنُ، وابنُ سِيرِينَ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إلَّا أن يَتَّفِقَا في مالٍ واحدٍ، بِنَاءً على أنَّ خَلْطَ المالَيْنِ شَرْطٌ، ولا يُمْكِنُ إلَّا في المالِ الواحدِ. ونحن لا نَشْتَرِطُ ذلك، ولأنهما من جِنْسِ الأَثْمانِ، فَصَحَّتِ الشَّرِكَةُ فيهما، كالجِنْسِ الواحدِ، ومتى تَفَاصَلَا، رجَع (١٩) هذا بِدَنَانِيرِه، وهذا بِدَرَاهِمِه، ثم اقْتَسَما الفَضْلَ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: يَرْجِعُ هذا بِدَنَانِيرِه، وهذا بِدَرَاهِمِه. وقال: كذا يقولُ (٢٠) محمدٌ والحَسَنُ، وقال القاضي: إذا أرَادَا المُفَاصَلَةَ، قَوَّمَا المتَاعَ بنَقْدِ البَلَدِ، وقَوَّمَا مالَ الآخَرِ به، ويكونُ التَّقْوِيمُ حين صَرَفَا الثمنَ فيه. ولَنا، أنَّ هذه شَرِكَةٌ صَحِيحَةٌ، رَأُسُ المالِ فيها الأَثْمانُ، فيكونُ الرُّجُوعُ بجِنْسِ رَأْسِ (٢١) المالِ، كما لو كان الجِنْسُ (٢٢) واحِدًا.

فصل: ولا يُشْتَرَطُ تَسَاوِى المالَيْنِ في القَدْرِ. وبه قال الحَسَنُ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال بعضُ أصحابِ الشَّافِعِىِّ: يُشْتَرَطُ ذلك. ولَنا، أنَّهما مَالَانِ من جِنْسِ الأَثْمانِ، فجازَ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عليهما، كما لو تَسَاويَا.

فصل: ولا يُشْتَرَطُ اخْتِلَاطُ المالَيْنِ، إذا عَيَّنَاهُما وأَحْضَرَاهُما. وبهذا قال أبو حنيفةَ ومالِكٌ، إلَّا أنَّ مالِكًا شَرَطَ أن تكونَ أَيْدِيهما عليه، بأن يَجْعَلَاهُ في حانُوتٍ لهما، أو في يَدِ وَكِيلِهما. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يَصِحُّ حتى يَخْلِطَا (٢٣) المالَيْنِ؛ لأنَّهما إذا لم يَخْلِطَاهُما فمالُ كلِّ واحدٍ منهما يَتْلَفُ منه دونَ صَاحِبِه، أو يَزِيدُ له دون صَاحِبه، فلم تَنْعَقِد الشَّرِكَةُ، كما لو كان من المَكِيلِ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ يُقْصَدُ به الرِّبْحُ، فلم يُشْتَرَطْ فيه


(١٩) في ب، م: "يرجع".
(٢٠) في الأصل: "يقوله".
(٢١) سقط من: الأصل، أ.
(٢٢) سقط من: أ.
(٢٣) في الأصل: "يخلط".

<<  <  ج: ص:  >  >>