للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبْلَ، فهل يَلْزَمُه بَدَلُها؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا يَلْزمُه بدَلُها (١٨)؛ لأنَّها غيرُ مُحْتاجةٍ إلى الكُسْوةِ. والثانى، يَلْزمُه؛ لأنَّ الاعْتبارَ بمُضِىِّ الزَّمانِ دُونَ حَقيقةِ الحاجةِ، بدليلِ أنَّها لو بَلِيَتْ قبلَ ذلك لم يَلْزمْه بَدَلُها. ولو أُهْدِىَ إليها كُسْوةٌ، لم تَسْقُطْ كُسْوتُها. وإن أُهْدِىَ إليها طَعامٌ فأكَلَتْه، وبَقِىَ قُوتُها إلى الغدِ، لم يَسْقُطْ قُوتُها فيه. وإن كَسَاها، ثم طَلَّقَها قبلَ أن تَبْلَى، فهل له أن يَسْتَرْجِعَها؟ فيه وَجْهان؛ أحدهما، له ذلك؛ لأنَّه دَفَعها للزَّمانِ المُسْتقْبَلِ، فإذا طَلَّقَها قبلَ مُضِيِّهِ، كان له اسْتِرْجاعُها، كما لو دَفَعَ إليها نَفَقةَ مُدَّةٍ، ثم طَلَّقها قبلَ انْقضائِها. والثانى، ليس له الاسْتِرْجاعُ؛ لأنَّه دَفَعَ إليها الكُسْوةَ بعدَ وُجُوبِها عليه، فلم يكُنْ له الرُّجوعُ فيها، كما لو دَفَعَ إليها (١٩) النَّفَقةَ بعدَ وُجُوبِها ثم طَلَّقها قبلَ أكْلِها، بخلافِ النَّفَقةِ المُسْتَقْبَلةِ.

فصل: وإذا دَفَعَ إليها كُسْوتَها، فأرادتْ بَيْعهَا، أو التَّصَدُّقَ بها، وكان ذلك يَضُرُّ بها، أو يُخِلُّ بتَجَمُّلِها بها، أو بسُتْرَتِها، لم تَمْلِكْ ذلك، كما لو أرادتِ الصَّدَقةَ بقُوتِها على وجهٍ يَضُرُّ بها، وإن لم يكُنْ في ذلك ضَرَرٌ، احْتَمَلَ الجَوازَ؛ لأنَّها تَمْلِكُها، فأشْبَهَتِ النَّفَقةَ، واحْتَمَلَ المَنْعَ؛ لأنَّ له اسْتِرْجاعَها لو طَلَّقَها، في أحدِ الوَجْهينِ، بخلافِ النَّفَقةِ.

فصل: والذِّمِّيَّةُ كالمُسْلِمةِ في النَّفقةِ والمَسْكنِ والكُسْوةِ، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ. وبه يقول مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لعُمومِ النُّصوصِ والمعنى.

١٣٨١ - مسألة؛ قال: (فَإذَا مَنَعَهَا، ولَمْ تَجِدْ مَا تَأْخُذُهُ، فَاخْتَارَتْ (١) فِرَاقَهُ، فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا)


(١٨) سقط من: الأصل، أ.
(١٩) سقط من: ب.
(١) في أ، م: "واختارت".

<<  <  ج: ص:  >  >>