للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ كان مِثْلِيًّا، [وبقِيمَتِه إن لم يكُنْ مِثْلِيًّا] (٣٩). وكذا قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ فى القديمِ. وقال فى الجديد: يَرْجِعُ إلى مَهْرِ المِثْلِ؛ لأنَّ تَلَفَ العِوَض يُوجِبُ الرُّجوعَ فى المُعَوَّضِ، فإذا تَعَذَّرَ رَدُّه رَجَعَ إلى قِيمَتِه، كالمبيعِ، ومَهْرُ المِثْلِ هو القِيمةُ، فوَجَبَ الرُّجوعُ إليه. ولَنا، أَنَّ كلَّ عَيْنٍ يجبُ تَسْلِيمُها مع وُجودِها إذا تَلِفَتْ مع بقاءِ سَبَبِ اسْتِحْقَاقِها، فالواجبُ بَدَلُها، كالمَغْصوبِ والقَرْض والعارِيَّةِ، وفارَقَ المَبِيعَ إذا تَلِفَ؛ فإنَّ البَيْعَ انفسخَ، وزال سَبَبُ الاستحقاقِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ التالِفَ فى يدِ الزَّوْجِ لا يَخْلُو من أربعةِ أحوالٍ؛ أحدها، أن يَتْلَفَ بفِعْلِها، فيكونُ ذلك قَبْضًا منها، ويَسْقُطُ عن الزَّوْجِ ضَمانُه. والثانى، تَلِفَ بفِعْلِ الزَّوجِ، فهو من ضمانِه على كلِّ حالٍ، ويَضْمَنُه لها بما (٤٠) ذكَرْناه. والثالث، أتلَفَه أجنبىُّ، فلها الخِيارُ بين الرُّجوعِ على الأجْنَبِىِّ بضَمانِه، وبينَ الرُّجوعِ على الزَّوجِ، ويَرْجِعُ الزوجُ على المُتْلِفِ. والرابع، تَلِفَ بفِعْلِ اللَّه تعالى، فهو على ما ذكَرْناه من التَّفْصيلِ فى صَدْرِ المسألةِ.

فصل: إذا طَلَّقَ المرأةَ قبلَ الدُّخولِ، وقد تصرَّفَتْ فى الصَّداقِ بعَقْد من العُقودِ، لم يَخْلُ من ثلاثةِ أقسامٍ؛ أحدها، ما يُزِيلُ المِلْكَ عن الرَّقبةِ، كالبيعِ والهِبَةِ والعِتْقِ، فهذا يَمْنَعُ الرُّجوعَ، وله نِصْفُ القيمةِ؛ لِزَوال مِلْكِها، وانقطاعِ تصَرُّفِها. فإن عادتِ العَيْنُ إليها قبلَ طَلاقِها، ثم طَلَّقها وهى فى يَدِها بحالِها، فله الرُّجوعُ فى نِصْفِها؛ لأنَّه وَجَدَها بعَيْنِها، فأشْبَهَ ما لو لم تُخْرِجْها. ولا يَلْزَمُ الوالدَ إذا وَهَبَ ولدَه (٤١) شيئًا، فخَرَجَ عن مِلْكِه، ثم عاد إليه، حيث لا يَمْلِكُ الرُّجوعَ فيه؛ لأنَّنا نَمْنَعُ ذلك، وإن سَلَّمناه فإن حَقَّ الوَالدِ (٤٢) سَقَطَ بخُرُوجه عن يد الولدِ بكلِّ حالٍ، بدليلِ أنَّه لا يُطالَبُ بِبَذْلِه، والزَّوْجُ لم يَسْقُطْ حَقُّه بالكُلِّيّةِ، بل يَرْجِعُ لنصْفِ قِيمَتِه عند عَدَمِه، فإذا وُجِدَ كان


(٣٩) سقط من: الأصل، ب، م.
(٤٠) فى أ، م: "مما".
(٤١) فى أ، ب، م: "لولده".
(٤٢) فى م: "الولد".

<<  <  ج: ص:  >  >>