للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّجوعُ فى عَيْنِه أوْلَى. وفى معنى هذه التَّصَرُّفاتِ الرَّهْنُ، فإنَّه وإن (٤٣) لم يُزِل المِلْكَ عن الرقَبةِ، لكنَّه يُرادُ للبَيْعِ المُزِيلِ للمِلْكِ، ولذلك لا يجوزُ رَهْنُ ما لا يَجُوزُ بَيْعُه، ففى الرُّجوعِ فى العَيْنِ إبطالٌ لِحَقِّ المُرْتَهِنِ من الوَثِيقةِ، فلم يَجُزْ، وكذلك الكِتابةُ، فإنَّها تُرادُ للعِتْقِ المُزِيلِ للمِلْكِ، وهى عَقْدٌ لازِمٌ، فجَرَتْ مَجْرَى الرَّهْنِ. فإن طَلَّقَ الزَّوْجُ قبلَ إقْباض الهِبَةِ أو الرَّهْنِ، أو فى مُدَّةِ الخِيارِ فى البَيْعِ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، لا تُجْبَرُ على رَدِّ نِصْفِه إليه؛ لأنَّه عَقْدٌ عَقَدَتْه فى مِلْكِها، فلم تَمْلِكْ إبْطالَه، كاللَّازِمِ، ولأنَّ مِلْكَها قد زال، فلم تَمْلِكَ الرُّجوعَ فيما ليس بمَمْلُوكٍ لها. والثانى، تُجْبَرُ على تسْليمِ نِصْفِه؛ لأنَّها قادرةٌ على ذلك، ولا زيادةَ فيها. وللشافعىِّ قَوْلان، كهذَيْنِ الوَجْهَين. فأمَّا إن طَلَّقها بعدَ تَقْبِيض الهِبَةِ والرَّهْنِ، ولُزُومِ البيعِ، فلم يأخُذْ قِيمةَ النِّصْفِ حتى فُسِخَ البَيْعُ والرَّهْنُ والهِبَةُ، لم يكُنْ له الرُّجوعُ فى نِصْفِها؛ لأنَّ حَقَّه يَثْبُتُ (٤٤) فى القِيمةِ. الثانى (٤٥)، تَصَرّفٌ غيرُ لازمٍ، لا يَنْقُلُ المِلْكَ، كالوَصِيَّةِ والشَّركِةِ والمُضارَبةِ، فهذا لا يُبْطِلُ حَقَّ الرُّجوعِ (٤٦) فى نِصْفِه، ويكونُ وُجُودُ هذا التَّصَرُّفِ كعَدَمِه؛ لأنَّه تصرُّفٌ لم ينقُلِ المِلْكَ، ولم يَمْنَعِ المالكَ من التّصَرُّفِ، فلا يَمْنَعُ مَنْ له الرُّجُوعُ على المالكِ من الرُّجوعِ، كالإيداعِ والعارية. فأمَّا إن دَبَّرَتْه، فظاهرُ المذهبِ أنَّه لا يَمْنَعُ الرُّجوعَ [لأنَّه وَصِيّةٌ] (٤٧)، أو تَعْلِيقُ نِصْفِه، وكلاهما لا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، ولأنَّه لا يَمْنَعُ البَيْعَ، فلم يَمْنَعِ الرُّجوعَ كالوَصِيّةِ. ولا يُجْبَرُ الزوجُ على الرُّجوعِ فى نِصْفِه، بل يُخَيّرُ بين ذلك وبين أخْذِ نِصْفِ قِيمَتِه؛ لأنَّ شَرِكةَ (٤٨) مَنْ نِصْفُه مُدَبَّرٌ نَقْصٌ، ولا يُؤْمَنُ أن يَرْفَعَ إلى حاكمٍ حَنَفِىٍّ فيَحْكُمَ بعِتْقِه. وإن كانت أمَةً فدَبَّرَتْها، خُرِّجَ على الرِّوايتَيْن، إن قُلْنا:


(٤٣) سقطت الواو من: الأصل، أ.
(٤٤) سقط من: ب.
(٤٥) فى م: "والثانى".
(٤٦) فى الأصل: "الزوج".
(٤٧) سقط من: ب.
(٤٨) فى الأصل: "شريكه".

<<  <  ج: ص:  >  >>