للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وهى نَوْعٌ من البَيْعِ، لأنَّها تَمْلِيكٌ (١٠) من كل واحدٍ منهما لِصَاحِبِه، فهى بَيْعُ المنَافِعِ، والمنَافِعُ بمَنْزِلةِ الأعْيانِ، لأنَّه (١١) يَصِحُّ تَمْلِيكُها في حال الحيَاةِ، وبعدَ المَوْتِ، وتُضْمَنُ باليَدِ والإِتْلافِ، ويكونُ عِوَضُها عَيْنًا ودَيْنًا. وإنَّما اخْتَصَّتْ باسْمٍ كما اخْتَصَّ بعضُ البُيُوعِ باسْمٍ، كالصَّرْفِ، والسَّلَمِ. إذا ثَبَتَ هذا فإنَّها تَنْعَقِدُ بلَفْظِ الإِجَارَةِ والكِرَاءِ؛ لأنَّهما مَوْضُوعانِ لها. وهل تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ البَيْع؟ فيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، تَنْعَقِدُ به؛ لأنَّها بَيْعٌ فانْعَقَدَتْ بِلَفْظِه، كالصَّرْفِ. والثانى، لا تَنْعَقِدُ به؛ لأنَّ فيها مَعْنًى خاصًّا، فافْتَقَرَتْ إلى لَفْظٍ يَدُلُّ على ذلك المَعْنَى، ولأنَّ الإِجَارَةَ تُضَافُ إلى العَيْنِ التي يُضَافُ إليها البَيْعُ إضَافةً واحِدَةً، فاحْتِيجَ إلى لَفْظٍ يُعْرَفُ ويُفَرّقُ بينهما، كالعُقُودِ المُتَبَايِنَةِ، ولأنَّه عَقْدٌ يُخَالِفُ البَيْعَ في الحُكْمِ والاسْمِ، فأشْبَه النِّكاحَ.

فصل: ولا تَصِحُّ إلَّا من جائِزِ التَّصَرُّفِ؛ لأنَّه (١٢) عَقْدُ تَمْلِيكٍ في الحَياةِ، فأشْبَه البَيْعَ.

٨٩١ - مسألة؛ قال: (وَإذَا وَقَعَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، بأُجْرَةٍ مَعْلُومةٍ، فَقَدْ مَلَك المُسْتَأْجِرُ المنَافِعَ، ومُلِكَتْ عَلَيْهِ الأُجْرَةُ كَامِلةً، في وَقْتِ الْعَقْدِ، إلَّا أنْ يشْتَرِطَا أجَلًا)

هذه المَسْألَةُ تَدُلُّ على أحْكامٍ سِتَّة؛ أحدها، أنَّ المَعْقُودَ عليه المنافِعُ. وهذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، منهم: مالِكٌ، وأبو حَنِيفَةَ، وأكْثَرُ أصْحابِ الشافِعِيِّ. وذَكَرَ بعضُهم أنَّ المَعْقُودَ عليه العَيْنُ؛ لأنَّها المَوْجُودَةُ، والعَقْدُ يُضَافُ إليها، فيقولُ: أجَرْتُكَ دَارِى [كما يقول: بِعْتُكَها] (١). ولَنا، أنَّ المَعْقُودَ عليه هو المُسْتَوْفَى


(١٠) في ب: "تملك".
(١١) في ب: "لأنها".
(١٢) في م: "لأنها".
(١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>